أشعارا كثيرة في أغراض شتى أهمها المدح والوصف والغزل والمدائح النبوية، وفي كتاب (منشور الهداية) لعبد الكريم الفكون و (البستان) لابن مريم أخبار عن شعراء في تلمسان وقسنطينة عرفوا بجودة الشعر وكثرته، ولكننا لا نعرف إلى الآن أين هو.
كانت بواعث الشعر، والجيد منه على الخصوص، قليلة، ومن أهمها بالطبع الباعث الديني. فالشعراء كانوا يسجلون مشاعرهم في المواسم الدينية المعروفة كالحج والمولد النبوي بنظم الموشحات والقصائد، ولم يكن ولاة الجزائر يثقفون الشعر حتى يشجعوا عليه في الوقت الذي كان فيه الشعر العربي عموما شعر مدح أو شعر بلاطات، فإذا استثنينا حاكمين أو ثلاثة فإننا نلاحظ أن الشعراء لم يجدوا أي تشجيع معنوي أو مادي لقول الشعر. حقا إن النزاع بين الجزائر وإسبانيا كان باعثا لعدد من الشعراء على الدعوة للجهاد وتمجيد النصر، وهو باعث سياسي - ديني لا غبار عليه. وهناك أيضا مجال الطبيعة وعزة المدن، والحنين إلى الأهل والوطن، والمرأة، بالإضافة إلى البواعث الاجتماعية كرثاء عزيز أو تبادل التهاني والتقاريظ بالشعر، والتماجن، ونحو ذلك من الأغراض، يضاف إلى ذلك عدد من الأغراض التقليدية كتخميس قصيدة مشهورة والتلغيز واتخاذ الرجز وسيلة للنظم في التاريخ والفقه والتصوف وغيرها مما يخرج عن نطاق هذا الفصل (١).
وليس معنى هذا أن المجتمع، ولا سيما مجتمع المدن، كان منغلقا تماما على نفسه. لقد كانت أهم المدن مسرحا لتيارات عديدة أوروبية وإسلامية، شرقية واندلسية، وقد عرفنا أن الخمر كانت رائجة وأن بيوت
(١) من ذلك (الدرة المصونة في علماء وصلحاء بونة) لأحمد البوني، ورجز الحلفاوي في فتح وهران. انظر فصل التاريخ، وقصيدة خليفة بن حسن القماري في قص الأثر (فتوى فقهية)، وتخميس قصيدة الأخضري في النبي خالد لعبد العزيز بن مسلم، ولغز (هاج الصنبر) لسعيد قدورة، وفي رحلة ابن حمادوش نماذج من استعمال التلغيز، أما التخميس فهو كثير، يضاف إلى أنواع أخرى من التصرف في قصائد الغير.