للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسبان منها لجاء ذلك في ديوان كبير (١).

وفي أوائل القرن الحادي عشر اتجهت الهمة من جديد إلى الضغط على

الإسبان وظهرت علامات الاستعداد لحربهم، وكان ذلك على عهد حسين خوجة الشريف باشا الذي تولى سنة ١١١٧، وقد أظهر هذا الباشا استعدادا للجهاد حين أرسل الأخبية لوهران، لذلك انطلق الشعراء يستحثونه ويصفون سوء أحوال المسلمين تحت حكم الإسبان، ولا سيما النساء، استثارة للعواطف الدينية والنفسية: ومن هؤلاء الشاعر البارع محمد بن محمد بن علي المعروف بابن آقوجيل، فله في ذلك قصيدة مؤثرة (٢) هنأ فيها أولا الباشا بتوليته على الجزائر ثم التفت إلى الغرض المقصود في قوله:

جهز جيوشا كالأسود وسرحن ... تلك الجواري في عباب بحور

أضرم على الكفار نار الحرب لا ... تقلع ولا تمهلهم بفتور

وبقربنا وهران ضرس مؤلم ... سهل اقتلاع في اعتناء يسير

كم قد أذت من مسلمين وكم سبت ... منهم بقهر أسيرة وأسير

وهي قصيدة طويلة ومؤثرة، بلغت نحو سبعين بيتا، وفيها أيضا نصائح للباشا ووصف لأحوال العلماء السيئة.

ولكن مدة حسين خوجة الشريف باشا لم تطل (٣)، فقد عزل وتولى مكانه محمد بكداش باشا سنة ١١١٨، وتمكن هذا من فتح وهران سنة ١١١٩، فانطلقت ألسنة الشعراء من عقالها مدوية، ذلك أن الشعر الذي قيل


(١) انظر عن الجهاد والعلاقة السياسية بين الجزائريين والعثمانيين الفصل الثاني من الجزء الأول.
(٢) انظرها في (التحفة المرضية) لابن ميمون، ١١٢ - ١١٧، مخطوط باريس. كان ابن آقوجيل حيا سنة ١١٤٢، فقد وجدنا له كتابا بخطه منسوخا في تلك السنة، وقد تولى أيضا القضاء في عهد بكداش باشا.
(٣) توجد بين هذا الباشا وأحمد بن قاسم البوني أيضا مراسلة بالشعر، انظر ذلك في المكتبة الوطنية - الجزائر رقم ١٨٤٧، ورقات ٧٩ - ٨١. كذلك مجلة (الثقافة) عدد ٥١، ١٩٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>