للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي راشد يشير إلى الجزائر القطر بقوله وهو يتحدث عن الباشا:

تاهت به أرض الجزائر واغتدت ... زهوا به عن غيرها تختال (١)

وهذا محمد المستغانمي قد نظم قصيدة في بكداش جعل عنوانها (الكوكب النائر في مدح أمير الجزائر)، وهو هنا يعني القطر أيضا (٢) أما مدينة الجزائر البكداشية فقد تغنى بها الجامعي، خصوصا في قوله:

فدعني من غرناطة وربوعها ... وشنيل فالحسن انتهى للجزائر

فما تفضل الحمراء بيضاء غادة ... مقرطة بالبدر ذات غدائر (٣)

ولم يكن الجامعي وحده في هذا الميدان، فقد أقبل الشعراء على مدينة الجرائر ووصفوها في شعرهم، ولو طال عهد بكداش لدخلت مدينة الجزائر، كعاصمة لقطر كبير، ميدان الأدب من أوسع أبوابه، ولكن أيام الباشا كانت، كأيام غيره من الحكام، محدودة، إذ لم يبق في الحكم إلا حوالي أربع سنوات (١١١٨ - ١١٢٢).

والحادث الثالث (بعد الجهاد ومدح بكداش) الذي أطلق أقلام الشعراء هو فتح وهران الثاني على يد الباي محمد الكبير سنة ١٢٠٥، فقد كان هذا الباي متنورا إلى حد كبير فجمع حوله نخبة من الأدباء والكتاب ينسخون له الكتب ويسجلون أحداثه اليومية ويدرسون وينوهون بأعماله، وقد أغدق عليهم المال والرعاية فنشطت الحركة الأدبية على عهده، ولا سيما الشعر، وجاءه الشعراء من البليدة والجزائر والمغرب يستمنحونه العطايا، وخلافا لعهد بكداش باشا فإن عهد الباي قد طال، وقد سجل لنا أحمد بن سحنون في (الثغر الجماني) نماذج من الشعر الذي قيل في هذا الباي ولعله قد سجل أيضا بعض ذلك في (عقود المحاسن) الذي لم نطلع عليه.


(١) (التحفة المرضية)، مخطوط باريس، ٥٧ - ٥٩.
(٢) نفس المصدر، ٨٩ - ٩٢.
(٣) نفس المصدر، ٩٣ - ١٠٨، وعن القنيلي انظر (شرح الجامعي) على الحلفاوية، مخطوط باريس، ٥١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>