وأول شعرائه هو أحمد بن سحنون نفسه الذي كان أحد كتابه، فقد قال فيه وفي ولده عثمان أكثر من قصيدة، وابن سحنون من الشعراء البارزين في عهده، رغم صغر سنه عندئذ، وقد عرفنا رأيه في الشعر الفصيح والملحون وفي حركة الشعر عموما في الحزائر في بداية هذا الفصل، وكان الباي قد حظي بقصائد ابن سحنون حتى قبل فتح وهران، فله فيه قصيدة عندما تولى
الحكم وأخرى في جهاده وسيرته قبل الفتح، ومدحه حين أكرم ضيفه يزيد بن
سلطان المغرب آنئذ، في قصيدة طويلة جيدة النسج والموضوع، بدأها بالغزل على العادة:
وإن كان ذنبي في هواك محبتي ... فما أنا من ذنبي مدى الدهر تائب
ثم تخلص من الغزل إلى مدح الباي بما يناسب المقام، ويجعله في مقدمة الملوك الكرام. وابن سحنون مولع بالغزل في مطالع قصائده، فقد مدح عثمان بن محمد الكبير (وكان صديقا له) بقصيدة أيضا بدأها بهذا الطالع: ألم المحبة للحشاشة موجع ... والصبر للصب المروع مرجع
لولا التصبر والتبصر في الهوى ... لرأيت سلوى في الأسى يتروع
وكان ابن سحنون يتتبع آثار الباي ويمدحها بقصائده الجميلة. فقد مدح
دار سكنى الباي ووصفها كما سنرى، ووصف الجامع الكبير الذي بناه في معسكر والمدرسة التابعة له، بل إنه مدح ومازح أصهار الباي ورثى قضاته، وبعبارة أخرى كان ابن سحنون هو متنبي الباي محمد الكبير , وإذا درس شعره وقورنت آثاره الأدبية الأحرى كـ (الأزهار الشقيقة) و (عقود المحاسن) ظهر ابن سحنون في طليعة أدباء عصره وأكثرهم تمكنا في القصيدة التقليدية بعد ابن علي وابن الشاهد، ولسوء الحظ أن حياته وآثاره ما تزال مجهولة (١).
(١) سجل ابن سحنون في (الأزهار الشقيقة) وفي (الثغر الجماني) عددا من قصائده في =