للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن شعراء الباي المذكور أيضا أبو راس وأحمد القرومي ومحمد بن الطيب المازري وغيرهم، وإذا نحن قسنا بحجم القصائد فإن أبا راس يأتي عقب ابن سحنون، ولكن شعر أبي راس كان شعرا تاريخيا وفقهيا. ذلك أن غلبة علوم الفقه والتاريخ عليه جعلت شاعريته تستسلم أمام تحدي الحفظ والذاكرة، بالإضافة إلى أن شعر أبي راس في أغلبه مكسور ومختل، وقد قال في فتح وهران على يد الباي المذكور قصيدة سينية طويلة شرحها فيما بعد بطلب من الباي فأصبحت هي والشرح جزءا من تاريخ الحادثة (١)، على أن أبا راس قال إنه اختار لقصيدته قافية السين لأنها محبوبة لدى الأدباء والأمراء، وقد كان الباي هو ولي نعمة أبي راس، ولذلك مدحه في عدة مناسبات وهنأه بالنصر.

فنم هنيئا وبك النصر مقترن ... بقصر وهران دار لك محلالا

وفي إحدى قصائده فيه حاول أبو راس، رغم ركاكة القصيدة، أن يربط بين فتح وهران وضياع الأندلس، وذكر أن هذا الفتح قد اهتزت له أراضي الإسلام من مصر إلى الحجاز والشام، وأبو راس يعتبر هذه القصيدة مع ذلك، (من بديع ما قلته في فتح وهران) (٢) ومطلعها:

خليلي قد طاب الشراب المورد ... لما أن صار الأمير في الثغر يقصد

وهو يقصد بالثغر مرسى وهران، وأن الباي لم يعد يقصده الناس في معسكر، التي كانت العاصمة قبل الفتح، ولكنه أصبح مقصد الناس في وهران بعد تحريرها من الإسبان. وله في مدح هذا الباي أكثر من عشر قصائد أخرى، وكلها في نفس المستوى (٣)، ومن ذلك قصيدة له في غزوة الباي


= الباي وفي غيره من الأغراض (أهمها الغزل، الوصف، الدين، السياسة، الطاعون، الشكوى)، وقد ذكرنا في فصل النثر تقريظ بعض أدباء الجزائر له على كتابه الأول.
(١) من هذه القصيدة وشرحها خرج كتاب أبي رأس (عجائب الأسفار ولطائف الأخبار) الذي سنتحدث عنه في فصل التاريخ من هذا الجزء.
(٢) أبو رأس (عجانب الأسفار) مخطوط الجزائر، ١٥.
(٣) كلها مثبتة في نفس المصدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>