أصبح بولكباشيا أو عسكريا متقاعدا. وظل كذلك إلى أن توفي بحصر البول ودفن في باب الواد. وقد أنجب رجب بن محمد، الذي أصبح يدعى بعد الوظيفة رجب شاوش، ابنه حسينا حوالي سنة ١٠٧٢ كما أسلفنا. ولعل زوجه كانت من الجزائريات وبذلك تكون جدة المؤلف جزائرية، ولكن هذا أمر غير واضح. وكان رجب شاوش الذي عرف الدولة وأسرارها قد حرص على أن ينشأ ابنه حسين نشأة علمية وأن يهيئه لتولي وظيفة سامية أرقى معنويا من وظيفته هو، وهي الفتوى الحنفية، وكذلك كان الأمر.
وتحدث ابن المفتي عن والده، حسين بن رجب شاوش، فقال إنه تولى الفتوى سنة ١١٠٢ عن ثلاثين سنة، كما أشرنا. ووصفه أوصافا جليلة تليق بمقام الوالد وبمقام المفتي أيضا. فقد أخبر عنه أنه أول كرغلي تولى الفتوى الحنفية في الجزائر، بينما كانت من قبل في أيدي علماء الحنفية الموفدين من إسطانبول. وكان معاصر والده في الفتوى المالكية هو أحمد بن سعيد قدورة. وكلاهما، في نظر ابن المفتي، قد ملأ مكانه كما يجب، وقد مدح والده بأنه زان وظيفته فكان خطيبا ماهرا ومفتيا وقورا. وكانت الأسئلة ترد عليه من مختلف الناس، ولا سيما في الخريف عندما تكثر الخصومات بينهم على أراضي الفلاحة. وأهم من ذلك أن الباشوات كانوا يجلونه، بل كانوا يقفون له ويقبلون يده احتراما. وكان يفضل المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، حتى أن شؤونه الخاصة كانت مهملة. ونحن قد نفهم من ذلك أن المفتي حسين بن رجب كان مهملا لولده - المؤلف - أيضا ما دام يقضي أوقاته في خدمة الآخرين. ودام حسين بن رجب شاوش على تلك الحال ثماني سنوات أو اثني عشر سنة (١)، إلى أن تولى الباشوية عطشى
(١) في النص جاء مرة أنه بقي ثماني سنوات ومرة أنه بقي اثني عشر سنة، والمعروف أن عطشى مصطفى قد تولى سنة ١١١٢ وظل إلى سنة ١١١٧ حين قتل بعد هزيمته في تونس، وبذلك تكون مدة حسين بن جرب أكثر من ثماني سنوات، فإذا كان الباشا قد عزله عند توليه فتكون مدته عشر سنوات، أما إذا عزله بعد ذلك فالقول بأنه ظل اثني عشرة سنة أصح.