اختفت جميعها ولم تبق منها بعد سنة ١٨٤٦ سوى واحدة كانت تقع في سوق الجمعة. وكل هذه الزوايا كانت تصونها وتتعهدها أموال الأوقاف قبل مصادرتها. وكذلك لم يبق من المدارس القديمة إلا عدد ضئيل، وأصبح التعليم في الباقي منها ناقصا. واختفت كثير من المساجد أيضا بالهدم والتحويل عن الغرض الأصلي.
أما خارج مدينة الجزائر، فإن التقرير يذكر أن المدارس الشهيرة والزوايا كانت متوفرة ثم اختفت نتيجة للاحتلال والإهمال ومصادرة الأوقاف وهجرة العلماء أو نفيهم. ومن هذه مدرسة صالح باي بقسنطينة، ومدرسة قرومة الواقعة على وادي الزيتون شرقي العاصمة، ومدرسة (زاوية) سيدي محمد بن عبد الرحمن بجرجرة، وبسهل متيجة كانت زاوية مربوني بالأربعاء، وزاوية سيدي خير الدين بين الخشنة وبني موسى، وزاوية النميلي في بني موسى، وزاوية سيدي السعيد بين بوفاريك والدويرة، وزاوية سيدي الحبشي بأولاد منديل، ثم زاوية البراكنة قرب شرشال (١). ويضيف التقرير أن الزوايا الواقعة في أوساط القبائل والأعراش قد اختفت أيضا نتيجة الحروب المريرة والحملات العسكرية الفرنسية، إذ تشتت المعلمون والمتعلمون، واختفت المخطوطات. كما أن المعلمين عموما تضاءل عددهم حتى في المدن لضعف الرواتب وعدم انتظام الدروس واستقرار الحياة العلمية.
كان برنامج التعليم يكمل بعضه بعضا. ففي الابتدائي يحفظ الطفل كل أو أجزاء من القرآن الكريم، ويتقن الكتابة والقراءة، ويتعلم مبادئ الدين، ويحفظ المتون والنصوص الضرورية. وفي الثانوي يواصل المطالعة والفقه والتوحيد ودراسة النحو والصرف وأوليات التفسير ومصطلح الحديث والسيرة النبوية. وأما الدراسات العليا فتشمل الفقه أيضا وأصول الدين والتوحيد
(١) تقرير بعنوان (التعليم العمومي في الجزائر)، نشره عبد الحميد زوزو (نصوص)، الجزائر، ١٩٨٢، ص ٢٠٥ - ٢٠٨، عن تقرير بالأرشيف الفرنسي ٢٣٥ R.M.G.H. ولعله هو تقرير الجنرال دوماس، انظر أيضا رسالة إبراهيم الونيسي عن جريدة (المبشر).