للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البوادي. ولهذا كنت ترى بين العرب والبرتوغاليين حرباً عواناً بل طاحنة، طحنت في الأخير أبناء يعرب فأوردتهم حياض المنايا. ودامت تلك الحرب طول القرن السادس عشر بدون أن يمكنوهم من الراحة هنيئةً. وما زالوا كذلك حتى ركز قائدهم الكبير البوكرك علم دولته البرتوغالية في مسقط وصحار وذلك في سنة ١٥١٥ وهي سنة دخول النصارى جزيرة العرب بعد أن طردوا عنها سنة ٦٣٤م على يد عمر بن الخطاب. قال البلاذري (ص ٦٨) وهو يروي حديثاً معنعناً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه لا يبقين دينان في أرض العرب، فلما استخلف عمر بن الخطاب (رضه) أجلى أهل نجران (وكان أغلبهم نصارى وفيهم أيضاً يهود) إلى النجرانية (بناحية الكوفة) وأشترى عقاراتهم وأموالهم. وقال أيضاً: (ص ٦٨) أنزلت (هذه الآية) في كفار قريش والعرب: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله). وأنزلت في أهل الكتاب: (قاتلوا الذين لا

يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق إلى قوله: صاغرون. فكان أول من أعطى الجزية من أهل الكتاب أهل نجران فيما علمنا. وكانوا نصارى. ثم أعطاها أهل أيلة وأذرح وأهل أذرعات الجزية في غزوة تبوك. أهـ كلام البلاذري بحرفه - فترى من هذا أن أول من خالف هذه القاعدة أو خرمها هو البوكرك بعد أن مضى ٨٨١ سنة على جزيرة العرب وهي تأبى أن تأوي نصرانياً.

ولما تيسر للبرتوغاليين دخول تلك الديار هان عليهم أخذ غيرها أيضاً فضبطوا هرمز. ثم احتلوا البحرين وحصنوا القطيف بعد أن ملكوه ومدوا أيديهم إلى جميع الثغور التي كانت تخدم أمانيهم أن على ساحل إيران وإن على ريف جزيرة العرب وحصونها أشد التحصين. وكل من كان يحاول أن يقاومهم كانوا يذيقونه الأمرين أو يوردونه حياض المنية وكان الجميع يخافونهم كما يخاف الخشاش والبغاث جوارح الطير وعتاقها. وكانت هرمز أحصن تلك القلاع وأبقاها بوجه العدو ولذا جعلوها أيضاً خزانة أسلحتهم ومستودع تجارتهم وهي كما تعلم مدينة ثابتة في قلب جزيرة تعرف باسمها وهي كالشجا في حلق بحر عمان لا يستطيع أن يسيغها ولا أن ينبذها وهي أيضاً كالشجا في حلق كل داخل بحر عمان أتياً من خليج فارس أو كل مقتحم بحر فارس قادماً من خليج عمان

<<  <  ج: ص:  >  >>