للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كان أغنى عن (ابن العلقمي) ولا ... عن قومه أنه في الملك يحتال

جنى على نفسه (ابن العلقمي) ردى ... فراح يصحبه عار وإذلال

ذاق الخسار فلا مال ولا وطن ... ولا حياة ولا عز ولا آل

أن ينكث (الأعجمي) العهد من سفه ... فكم له في ذويه العجم أمثال

محمد الهاشمي

[نبذة من تاريخ بغداد والبصرة والمنتفق]

في أوائل القرن التاسع عشر من الميلاد.

اذكر قراء لغة العرب الغراء ما كنت قد دونته في جزها الحادي عشر من سنتها الثانية وهو قسم من ترجمة سعدون باشا وكنت قد علقت هناك حاشية بشأن حمود آل ناصر آل سعدون معربة عن كتاب التاريخ العثماني لأحمد راسم ومستندة على ثقات الرواة وقد جاء فيها أيضاً بوجه الاستطراد لمحة من تاريخ بغداد تعريبا عن الكتاب المذكور ولم اقف في غيره على تفاصيل وافية تشفي غليل مطالع التاريخ عن تلك الأزمنة؛ وربما لم تدون الوقائع بالإيضاح الكافي أو دونت ثم عبثت بها يد الدهر وها أنني قد عثرت على نبذة تاريخية بين أوراق حواها صندوق وجدته في دار الشاب الأديب الحسيب، الحلبي الاصل، والبغدادي المولد؛ واللاتيني الطقس لطف الله أفندي ابن نصر الله بن فتح الله بن نعمة الله بن المقدسي يوسف بن ديمتري الخوري عبود وهذا الصندوق طوله نحو متر واحد وعرضه نحو نصف متر وكذلك ارتفاعه وهو مملو رسائل كان قد بعث بها أجداد أسرته الكريمة بعضهم إلى بعض من حلب وبغداد والبصرة وأزمير وكلكثة وغيرها لقصد التجارة ودوام الوداد بين الأقارب وفيه الأوراق التجارية الواردة إليهم من سورية والعراق والهند وإيران وتواريخ أوراق هذا الصندوق تتعلق بأواخر القرن الثامن عشر للميلاد وأوائل القرن التاسع عشر وفيها شيء نزر من صكوك شرعية صادرة من قضاة حلب يرتقي تاريخها إلى أواسط القرن السابع عشر. وهذه الأوراق وإن كان اغلبها تجاريا فأنها لا تخلو من الفوائد التاريخية في غير بابها هذا أيضاً. إذ قد ذكر أصحابها في سياق كلامهم حوادث ووقائع بلدة سكنوها الأقارب وأصدقاء وتجار قطنوا في غيرها. وقد خصص أهلها شيئاً من هذه الأوراق للدين والتاريخ والأدب وغيره. وما هذه الدفينة إلا جزءاً ضعيفاً من أوراق التهمتها نار شبت في ٧ رمضان ١٣٢٦ (٢ت١ سنة ١٩٠٨) في خان الموما إليه لطف الله أفندي عبود فأحرقت جميع ما فيه ولم تكن هذه الأوراق المحترقة مهملة بل كان قد خصص لها فيه حجرة مبنية بالطاباق معقودة به كما نسق بناء الخان المذكور وليس في بنائها من المواد القابلة الاشتعال سوى أخشاب الباب والطاقات بحيث نفذت النار منها فأمست طعمة

لها ونصيباً. وهذه الأوراق المحترقة كان ينوف قدرها على نحو عشرين صندوقاً كصندوقنا المحكى عنه وقد حوت أعمالاً تجارية متسلسلة التواريخ حتى صدر القرن العشرين عائدة كلها إلى الأسرة المذكورة وفيها من الكتب المخطوطة وغيرها ما يندر وجوده وكان قد اهتم بحفظه الخلف عن السلف ومن هذه الأوراق ما هو مختص بأحدهم فتح الله عبود الذي عرفه كثير من معاصرينا وكان يعتني بالأوراق المنتقلة إليه اشد

<<  <  ج: ص:  >  >>