للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الشعر الجاهلي]

-

وما المجد لولا الشعر إلا معاهد ... وما الناس إلا أعظم نخرات

أبو تمام

ما هو الشعر؟

هو تلك العاصفة التي تمر فتهدم، وتلك الروح التي تنبني فتخلد، هو تلك العاطفة التي انحنت لها الملوك، وخفقت بين يديها الأمراء، وخرت أمامها الأبطال والقواد! هو تلك العواطف تتأجج في صدرك وتكاد تنفجر بك، وتلك العوامل تهيج بنفسك على شاطئ البحر، بين مناظر الطبيعة الخلابة، في المروج الخضراء على رؤوس الجبال، في ظلمات الليل البهيم، عند المرضى والبائسين، وقت البلاء والشقاء!!. . .

على شاطئ البحر بين الصخور، عند موطئ قدميك الأمواج هائجة متلاطمة تهيج عليك، كأنها تريد أن تفترسك افتراسا، وتطأك بأذى، فتلطم بالصخور فترتد مدحورة، تستأنف الكرة، وتجمع نفسها وتكر أخرى فما تلبث أن تعود أيضاً خائبة مدحورة، فأمام هذه ما هو شعورك؟ أما سكنت متأملا؟

بين مناظر الطبيعة الخلابة، على جبل عال، مطل على واد أم سهل، تزينه الأشجار وتجري فيه الأنهار، وتصدح على أشجاره الأطيار، كسته الطبيعة إبداع حللها، جللته بالاخضرار يتخلل ذلك بدائع الألوان الأرجوانية والبنفسجية وغيرها، فأمام هذه ما هي عواملك؟ أما صمت متفكرا؟

في ظلمات الليل البهيم، وهنالك بين من أصابهم الدهر بمصائبه، وناء عليهم بكلكه، فاطرحوا الفراش، فهم على شواطئ الابدية، أو بين من ضاقت بهم سبل المعاش، وأخنت عليهم الإنسانية فليس من يهون عليهم، وينظر إليهم ويضمد كلومهم، ويخفف أحزانهم، ويرمقهم بعين الرأفة والمعونة، فباتوا بالخيال أشبه، والى الأموات اقرب. ما هي عواطفك؟ أما وقفت حزينا متألما

<<  <  ج: ص:  >  >>