للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إثباته بنوع جلي وإن كان غير خال من الاحتمال فلا سبيل إذن إلى الحكم فيه حكما قاطعا إلا إذا كشف التل كله حتى الحضيض بطريقة فنية. فعسى أن الأحوال تساعد تحقيقه فيعود تحقيقه ذلك على العلم الأثري والتاريخ بأجزل الفوائد.

الأب أ. س. مرمرجي الدومنكي

أحد أساتذة المعهد الكتابي والأثري الفرنسي في القدس

[تأثير اللغات السامية في اللغات الإفرنجية الحديثة]

كلنا نعلم أن اللغة الإيطالية والأسبانية والفرنسية فرع من اللغة اللاتينية وإن اللغة الألمانية والإنكليزية فرع من اللغة السكسونية ومزايا هذه اللغات تختلف كثيرا عن مزايا اللغات السامية التي من أشهر مميزاتها: أن يتقدم الفعل على الفاعل أو يسبق الفاعل الفعل، يليهما المفعول به. وبعده الجار والمجرور أو متعلقات المفعول به. أما اللغات الإفرنجية فنظام العبارة كان على نسق اللغة اللاتينية أو على طراز اللغة اليونانية، لكن لما نقلت التوراة إلى لغات أوربة وحاول النقلة المحافظة على سبك العبارة الأصلية العبرية أثر ذلك في لغاتهم المتنوعة، فأصبح صورة الكلام عندهم على الأسلوب العبري، أو العربي أو قل: على الأسلوب السامي، وهكذا أثرت لغاتنا الشرقية في لغاتهم؛ وهو أمر قلما يلتفت إليه علماء الألسنة، مع أن هذا الفضل ظاهر لكل ذي عينين. أما إذا كان هناك غير هذا السبب في تغيير سنن تلك اللغات الإفرنجية الحديثة، فليذكرها لنا من يخالف رأينا بأدلة بينة لنشكره عليها.

وسبك العبارة لم يكن وحده نتيجة تلك النقول (جمع نقل) بل هناك مزايا أخرى دخلت ألسنتهم لم تكن معهودة عندهم إذ كانت مخالفة لقواعد لغاتهم، لكنهم اتخذوها محافظة على سلامة النص الكريم، ثم تأصلت في كلامهم، إلى آخر ما هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>