للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطبوعات الحديثة في النجف]

المطبعة العلوية

تمهيد

لما انبثق فجر النهضة الأدبية في العراق على عهد الدستور العثماني، وسطع جبينها وانبلج صبح محياها الذي كان محجوبا المغشى ببراقع الجهل والكسل والخمول والرقدة في هذه الربوع، وتنفس أبناء الرافدين تنفسا ما كانت النجف في طليعة المدن العراقية التي أخذ أبناؤها يرحبون بتلك النهضة الطيبة فدب في قلوبهم روح النشاط وأماطوا عنها تمائم الجهل، وتتحفزوا للوثوب لما فيهم من نضج الفكر والاستعداد الطبيعي والشغف والميل الغريزي إلى ترقي العلوم والمعارف والآداب، وأخذوا يتمسكون بأسباب التقدم والنهوض وسلم الارتقاء، وبكل الوسائل التي تمكنهم من بلوغ أمانيهم.

ففكر يوما لفيف من أدباء النجف وأعيانها وأشرافها بعد إن كانوا مجتمعين في دار أحدهم، وتفاوضوا على أن يقوموا بعقد شركة تجارية لإنشاء مطبعة في النجف كاملة مجهزة بجميع لوازمها ومعداتها، وأخرى صغيرة تنضم إليها لتكون عونا لها لدى الحاجة واللزوم، والعوارض الطارئة عليها، الموجبة لتوقيفها خدمة للعلم والآداب العربية وإحياءا لآثار السلف الماضيين على اختلاف موضوعاتها وأساليبها، تلك الآثار التي ملأت القماطر وغصبت بها خزائن الشرق والغرب على رحبها دع عنك التي ذهب أكثرها أدراج الرياح لعدم المحافظة عليها.

ولما اتفقت آراء الجمعية على هذا المشروع الحيوي عقدوا في الحين تلك الشركة، جعلوها حصصا وقسطوها اسهما كل سهم بجنيه واحد، ليسهل الأمر على من يريد أن ينخرط في سلك الجمعية من الرجال غير المثرين كل الثراء ولهذا دخل فيها أعضاء متبرعون فخريون يتجاوز عددهم العشرة، فقبلت الجمعية دخولهم، وشكرتهم على فعلم الجميل، وما مضى على تاريخ الجمعية شهر واحد إلا أرسلت من قبلها إلى بغداد مندوبا خاصا لشرائها من (شركة ألمانية وزودته

<<  <  ج: ص:  >  >>