للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لفظة هندية الأصل من (بانيا) المصفحة عن السنسكريتية (فاني) ومعناها تاجر والبانيان طائفة من الهنود جل مهنتهم التجارة ولهم دين خاص بهم.

رزوقي عيسى

[مريم]

(حادثة معربة من الفرنسوية عن الرسائل البائية تابع لما في السنة١: ص ٢٨٨) كل ذلك جدد المشهد الذي رأت فيه مريم وفاة أمها بعد أن شهدت تململها على فراش المرض والموت. فحدت بها هذه الأفكار إلى الذهاب إلى قبرها وهناك أطلقت العنان لأحزانها وما زالت تبكي وتنتحب وهي وحدها في مقبرة الناصرة التي لا تبعد كثيراً عن المدينة.

لكن يا للعجب! من هذا الرجل الذي يتقدم منها رويداً رويداً وهو يقود جواداً أصيلاً؟ رجل يتلفت ذات اليمين وذات الشمال كأنه خائف أو منهزم من بلية ذات بال. رجل يناهز عمره خمسة وعشرين عاماً طويل النجاد ثيابه ثياب العنزيين وفي منطقته سكين منعطف الرأس لامع الفرند تحيط به غدارتان مرصعتان بالحجارة الكريمة وموشيتان بالذهب والفضة. رجل أسيل الخد هزيل البدن أسمر اللون أبي النفس حسن الطلعة غلا إلا إن ظواهره تنم عن هوى وجوى؟ يا الله! من هذا الرجل! وهاهو ذا قد دخل المقبرة.

لما سمعت مريم وقع الحوافر ورأت الرجل صاحت صيحة كاد يغمى عليها. - وحاولت الفرار لكن أين المفر. أما هو فأطلق من يده عنان جواده وانقض على الابنة انقضاض العقاب على فريستها الحمامة وكم فمها واحتقبها على فرسه ثم أخذ ينهب الأرض نهباً كأنه البرق الخاطف. يقطع الجبال ويعبر الوهاد ويتغلب على العقبات ويركب الحزون والسهول ولا يبالي ببلية مهما عظمت أو صعبت حتى جاز مسافة قدرها خمس عشرة ساعة لمن يسير على أقدامه سيراً حثيثاً. فنزل على ساحل بحر الجليل في وسط اخربة ينعب بها البوم هي اخربة كفر ناحوم. تلك المدينة التي لم تنب إليه تعالى ولم يرد سكانها أن يؤمنوا بمعجزات المسيح وهي التي تحاسب في يوم الدين محاسبة دونها حساب سدوم.

ولى النهار وانقشعت السحب وصحت السماء وظهر وجه البدر المنير الصبيح

<<  <  ج: ص:  >  >>