للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أصل اليزيدية وتاريخهم]

١١ - الديك - ديك العرش

لليزيدية تماثيل يطوفون بها في أيام أعيادهم، والتماثيل المعروفة ليست في الحقيقة إلا تماثيل (حمام)، أو (ديك) كما تقدم ولها أصل أساطيري محكي عن عدي بن مسافر. وذلك أن الحادي أو القوال (وردا في البهجة والقلائد بهذين اللفظيين) كان ينشد القصائد الدينية على طريقة الصوفية، وقد أخذ القوم الحال، ونسوا أنفسهم، على ما يشاهد لديهم في أكثر الأحيان إلى اليوم، إذ نادى المنادي بالأذان. فلما سمع الشيخ عدي ذلك، تألم وعاتب المؤذن قائلاً له: (أنزلتنا من العرش إلى الفرش).

وأوضح معنى ذلك. إن ديك العرش كان يصيح بالأذان، فلما أذن المؤذن، غاب عنه صوته، فلم يسمعه بعد.

ويقال أن بعض مريديه طلب إلى الشيخ أن يسمع ديك العرش، فلما بلغ إلى أذنه كاد يموت، وبقي بضعة أيام لا يشعر لما أصابه من الاندهاش.

وحينئذ حصل لهم من صوره لهم؛ وانه رآه فتمكن من إقناعهم وغشهم وصاروا يسمون ذلك المثال (السنجاق) أي العلم أو اللواء. وقد وصفه كثيرون تمام الوصف، ولكن لم يقفوا على أصل المعتقد وتاريخ نشوئه. (راجع كتاب النساطرة وشعائرهم تأليف ج. ب. بادجر).

وما هذا المعتقد إلا قصة خرافية لبس شكلاً مادياً. وهذه القصة لا تزال آثارها عندنا إلى اليوم. وذلك أن الأهلين في الأكثر يقتنون الديك الأبيض، الأفرق العرف، الأزرق الرجلين ليوقظهم للصلاة، ويزعمون انه يصيح كلما صاح ديك العرش، وانه بركة في البيت، كما أن الديك الذي (يقيق) (يصيح) كالدجاجة مشؤوم. ولذا يبادرون إلى ذبحه ولا يبقونه لاعتقادهم أن الأول يطرد الروح الخبيث، وهذا يأتي بما يكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>