للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كنوز هيكل أدب]

(تتمة)

وقد سأل بعضهم ما الغرض من وجود تلك الآنية والأمتعة في الهيكل؟ قلنا: الجواب الوحيد هو أن الكهنة وسدنة الهيكل اتخذوها للزينة وللإنارة في معابدهم كما اتخذ كهنة بني إسرائيل المصابيح المنيرة، والقناديل المتقدة دائماً في مجامعهم، وهياكلهم، بل في الدور أيضاً للصلاة أو للعبادة، وبعض تلك الظروف والسرج والمناور، اتخذت لمجرد الزينة، فكان باطنها رحراحاً صغيراً لا يسع إلا بعض قطرات من الزيت وكان ظاهر بعض تلك الأوعية رقيقاً جداً، ويكاد يفنى ويتلاشى من كثرة الاستعمال؛ ويحتمل أن هذه الأقداح كانت مشارب ماء، أما الأوعية الكبيرة، فكانت تتخذ أجراناً لحفظ الماء، وخزن زيت المصابيح. ومنها كانت تستعمل مجامر للبان، وصحوناً يوضع فيها خبز التقدمة وغيره من الأطعمة أمام تماثيل الآلهة، لتحل بركتها عليها قبل تناولها ومنها ما كانت تقوم مقام أباريق للوضوء والتطهير من الأوساخ والأدران، وكان باطن معظم هذه الآنية مغشى بغشاء مادة سوداء، ومنها ما كان نظيفاً جداً وأياً كان الغرض من ذلك الغشاء، فإننا نعلم إنها استعملت لأغراض دينية في الهيكل. وقد دام استعمال هذه الأواني المقدسة إلى عصر البابليين الأخير؛ وكانت منزلتها سامية في معابدهم، إذ كان مفروضاً عليه اتخاذها عروضاً للزينة والزخرف ليزيدوا بذلك هياكلهم رونقاً وبهاءً، حتى قيل إن الرومان واليونان لم يفوقوهم في زخرفة هياكلهم.

أن أهمية الأقداح والقناني، والمشارب، والقدور، والصحون، والأوعية، والمصابيح المنقوش عليها كتابات، كانت أكثر من شقف الأواني الحجرية الخالية من الكتابة؛ لأن الأولى وقفت الأثريين على تاريخ الهيكل والمدينة في أوائل عهدهما، وقد اكتشف النقابون خمساً وثلاثين شظية مكتوبة لا يختلف حجمها وشكلها ومادتها عن الشظايا الخالية من الكتابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>