كأن الحرب التي قامت ليست يوم خصومة. والظاهر إنه قصد بيوم الخصومة والشكاية يوم الحساب وهو قصد بعيد.
وما شعر شوقي بالإجمال إلا تقليد للقدماء، وكثيرا ما يستخرج المعنى من القافية فيكون تافها ليس عليه مسحة عصرية.
وربما عدنا إلى نقد بعض قصائده غير هذه
[ديوان العقاد]
- ٢ -
ومما أجاد فيه الأستاذ قوله ص ٣٦:
ليس بين الجنون والعقل إلا ... خطوتا سائر فحاذر وأمسك
أول الخطوتين نسيانك الن ... اس وإما الأخرى فنسيان نفسك
وكان الأحسن - لو ساعده الوزن - أن يقول (أولى الخطوتين) كما قال (والأخرى).
وإما قصيدته (الحب الأول) ص ٣٧، فحدث عما فيها من الركاكة والتفاهة والإغلاق ولا حرج إلا أبياتا قليلة أحسن صياغتها وضمنها معاني تجذب الأنظار. قال:
يهنيك يا زهر أطيار وأفنان ... الطير ينشد والأفنان عيدان
عرفنا أن الطير ينشد ولكن من الذي يضرب على العيدان؟
وقال:
طوباك لسن بإنسان فتشبهني ... إني ظمئت وأنت اليوم ريان
رأى الأستاذ نفسه ظمئان، ورأى الزهر الذي يخاطبه ربان فقال:
(طوباك لسن بإنسان) وما كل إنسان بظمآن، ولا كل زهر بريان ليفضل الزهر على الإنسان. قال:
هذا الربيع تجلى في مواكبه ... وهكذا الدهر آن بعدها آن
المعروف من المعجمات أن الآن أسم للوقت الذي فيه الإنسان، أو الوقت المتوسط بين الماضي والمستقبل، وهو لا يكون إلا قصيرا فما إطلاقه على الربيع موافق لما وضع له، نعم يجوز أن نقول إذا تفلسفنا: أن الدهر مركب من الأنات، ولكن الربيع ليس أحد هذه الانات، بل هو قسم كبير منها، على أن