للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فوائد لغوية]

الأب

عجيبة هي لغتنا الشريفة: لو قلت لك إنها تفتح أسرار اللغات السامية والآرية، فلا تعجب، لأنه كذلك.

خذ كلمة الأب (بفتح الهمزة وشد الباء) فإنها تفيدك معنى الكلأ والمرعى للدواب كالفاكهة للإنسان. وقال ثعلب: الأب: كل ما أخرجت الأرض من النبات. والأصل فيها: هجاء واحد أي أب (بفتح فسكون) وهو آخر ما تكون عليه اللفظة وهذا ما يدل على قدمها، أما الآرميون فيقولون في هذا المعنى (ابيانا) وتلفظ وتكاد تكون الكلمة في العبرية والسامرية والامحرية تشبه العربية لكنها ليست بهجاء واحد كما في لغتنا، كل هذا يدلك على أن صيغة حرفنا من أقدم الصيغ.

ذلك من جهة اللغات السامية وإما في لغات الغرب فلليونانيين كلمة فانك أن حذفت من آخرها أداة الأعراب يبقى لك وهو كما في لغتنا لفظا أو يكاد، ومعناها عندهم: ماء النبات أو الماء الذي يجري في العود. وعندنا نحن الاباب (كسحاب) بمعنى الماء وبالضم: معظم السيل والموج. قابل كل ذلك بالهندية القديمة أي كلمة (آب) بباء مثلثة ومعناها الماء. وبالفارسية الحديثة (آب) بباء موحدة بمعناها، ويلفظها بعضهم (آو) وهي بالكردية) (آو) وبالزندية (آفش) وبالبروسية القديمة ومعناها النهر والينبوع وفي اللتوانية وفي اللتية أو اللتونية ولو أردنا أن نجري في وجهنا ناظرين ما يقابل لفظتنا في سائر اللغات لقضيت العجب مما تهتكه لك لغتنا من أستار الأسرار. وهذه الكلمة ليست الوحيدة في جنسها بل هناك مئات هي على هذه الشاكلة، بل قد جمعنا منها نحو ألفين، إذن أكرم بلغة تمكنك من القبض على أزمة سائر الألسنة. وكفى بها شرفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>