للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بلد الزبير]

أو البصرة القديمة

على طف الجزيرة، وفي ظهر البصرة الحالية، يلوح للوافد عمارة ضخمة، وأبراج سور، قامت عليه مأذنة ذلك هو البلد الذي فيه (مشهد الزبير بن العوام). وهو بليدة فيها مساكن وأسواق، وعماراتها من الجص والآجر وهي على بساطتها. طيبة المناخ، نقية السماء، جافة الهواء، كغيرها من البلاد العربية.

وموقعها الهندسي كموقع برج مطل على مدينة البصرة، وهي على قربها من تلك المدينة المغمورة بسعفات النخل الكثيف، تراها بليدة جرداء معراة في قفر خال من الغرس، وربما وجدت في ضواحيها بعض أثلاث تكثر في المهابط العربية نعم، أن هذا العراء أكسب تلك البليدة فروقا محسوسة بين مناخها ومناخ البصرة فبينما يكون السائح مغموسا في طبقات كثيفة من هواء البصرة المضغوط عليه بسعفات النخل التي عقدت عليها رواقا كثيفا، وقد تلبد بوخامة ووبالة من البخار المتصاعد من البطائح والمناقع المكتنفة به من الوجه البحري القريب منه - ترى الزاهق الذي يفر من البصرة إلى برية الزبير كروح تخلصت من كثافة الجسد وفاضت سابحة في الفضاء النقي حيث التربة رملية ذهبية، وحيث النسيم طلق خفاق يتموج بعذوبة، وحيث النور الوهاج الذي يبهج القلب، نعم لا تكاد تولي وجهك شطر بليدة الزبير فارا من مدينة البصرة إلا تشعر بأنك قد تخلصت من المرض إلى العافية.

أجل يشاهد الوافد إلى قصبة الزبير جواد فسيحة تتخللها رحب واسعة والمساكن في الغالب ذات طبقة واحدة وترى الجواد متحدرة تشبه واديا ركبت على حافتيه المساكن البيض التي طليت بالجص وبعدد هذه العمارة كانت خصاص وأكواخ يأوي إليها الملاكون والزوار الذين فضلوا الهجرة على مواطنهم تجنبا للناس وابتعادا عن الواث المدينة زهدا وعزلة.

وقد كان أكثر أولئك المجاورين من العبيد النوبية الذين يكثرون في الجزيرة ومرابضها. وعلى أثر الحوادث الوهابية التي حصلت في نجد في غضون القرن

<<  <  ج: ص:  >  >>