للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أيها الأمل]

رأى ناظم هذه الموشحة البديعة فقيراً في أحد أزقة بغداد وقد أنهكه المرض فأشرف على الهلاك وهو يئن وفي خلال أنينه كانت تبدو منه كلمات تفتت الأكباد وتلين الجماد وهو لا يزال يرددها. ومحصلها: (لولا الأمل الذي عشت به لمت قبل خمسين سنة). وبعد أن سمع الشاعر تلك الكلم أخذ ينقب عن أمر الفقير فقيل إنه من البيوتات القديمة وكان لقومه حظ عظيم من الغنى ثم انقلب بهم الدهر حتى أدبر عنهم بتاتاً وانتهى بهم إلى أسوا حال. فقال:

(لغة العرب)

ضحكت فأشرقت يوم الجزع ... فيالك من ضاحك مبتسم

هو العيش ليل وأنت القمر

ألا لا ولكن بك المستقر

فأنت الصفاء وأنت الكدر

وأنت المصادي إذا ما فجع ... زمان يجور بخطب ملم

لوجهك تعنو صروف الحياة

فمن رائحات ومن غاديات

ولسن وإن جرت بالعاتيات

ولا بللواتي يزن الخدع ... فيذهبن عنك ذهاب الأصم

بنورك يبتهج العالمون

وبالجد ينتعش الميتون

فما لا يكون وما قد يكون

إليك انتهى وإليك انقطع ... فأنت الحكيم وأنت الحكم

كأنك روح لهذا الوجود

فمنك النحوس ومنك السعود

وفيك النزول وفيك الصعود

وأنت الشهود وأنت الجمع ... وأنت الوجود وأنت العدم

فلولاك ما نهض العالم

ولا قام من بينهم قائم

ولا كان ظلم ولا ظالم

<<  <  ج: ص:  >  >>