للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فوائد لغوية]

(ولا سيما) العصرية مذهب جديد صالح

اختلف علماء العربية في جملة (ولاسيما) اختلافا كبيرا فأجازوا رفع الاسم الذي بعدها ونصبه وجره. وهذا اضطراب لألباب الطلاب والكتاب واغتراب عن الصواب. لأنه لو جازت أنواع الإعراب الثلاثة لكان الكلام عن (ولاسيما) لبتر أي لا خير فيه. ولان نسير على مذهب واحد واطراد واحد متحرين صحة التعبير والتفسير والتقدير خير من أن نركض نحو تبلبل العلماء كالراكض نحو السراب يؤيد خطأه ويزيد ظمأه. ولذلك أقول: أن حجج بعض العلماء في (ولاسيما) متناقضة وفي اتباع المتناقض تجويز الأضداد دلالة على فقدان الصواب. ومن سوء حظنا أن (ولاسيما) جاءت في الشعر قبل النثر ومن وضعها في النثر اقتدى بالشعر متغاضيا عن صحة وضعها وترتيب أجزائها وإيضاح معناها غافلا عن أن وزن الشعر واقتضاب المعنى وتغيير اللفظ وبعثرته تضطر الشاعر إلى الخضوع لها، فأضعف دليل عندي وارد في الشعر مخالفا للنثر المؤيد. فإن أمثال ذلك الدليل هي التي بعثرت لغة العرب وبحثرت قواعدها. والعجيب الغريب أن (أحد أخطاء المجمع العلمي) في دمشق نشر بحثا زخارا موارا عن (ولاسيما) وعند استدلاله على جواز تخفيف الياء المشددة من (سي) أتى بها في آخر المضارع الأول في أحد الأبيات. ولكنه لما أورد (لا) النافية للعموم وذكر أبياتا لبعض المعترضين على وجوب تكرار (لا) أدعى أن ذلك ضرورة. فاستشهاده الشعر جائز واستشهاد غيره باطل وتلك لعمر اللغة فوضى وحكم لا يرضى.

أن أعظم أدلة العلماء في (ولاسيما) استندت إلى قول امرئ القيس:

ألا رب يوم لي من البيض صالح ... ولا سيما يوم بدارة جلجل

<<  <  ج: ص:  >  >>