للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فوائد لغوية]

الإنكار وأدواته ومرادفاته وأصلها

من أدوات الإنكار عندنا: (لا) وفي لغات الغرب - و (لا) من أدوات النهي أيضاً. وللنفي يستعمل في لغتنا (ما) تقول مثلاً: ما عندنا دراهم وأنت تريد أن تنفي وجودها عنك فما أصل هاتين الأداتين؟.

الذي عندنا أنهما من أصل واحد هو (نا) كما في اللغة اللاتينية وما تفرع منها. وكانت (نا) عندنا في قديم العهد تقوم مقام (لا) الناهية و (ما) النافية قم نقلها السلف في واغل القدم إلى صورتين متقاربتين في اللفظ والمعنى هما الأداتان اللتان ذكرناهما. والدليل على رأينا هذا أن الفرس جيراننا اتخذوا (نا) في لغتهم بهذا المعنى. والثاني أننا نحتنا منها أفعالاً تدل على نحن في صدده من ذلك:

(نفي) فأنها مركبة عندنا من النون المقطوعة من (نا) النافية والفيء الذي يعني تحول الظل من موطن إلى موطن والوجود في ظل الشمس أو مطلق الوجود كأنك تريد في قولك: نفيت فلاناً من البلد: إزالته عنه ولم يبق في فيئه.

و (نهى) منحوتة من النون المذكورة و (هو) التي أصلها (هوة يهوه) أي وجد يوجد. فالنهي أيضاً من هذا القبيل وهو الزجر عن إتيان الشيء والمنع عنه والأمر بما يخطر عمله. فإذا نهيت امرءواً عن كذا فأنك تمنعه عن إتيانه أو عن تحقيقه في حيز الوجود.

و (نكر) الشيء داخل في هذا الباب، وهو عندنا منحوت من نون الإزالة و (كر) الدالة على إعادة الشيء مراراً. فإذا أنكرت الدين الذي عليك لصاحبك فكأنك تقول له: نا، نا، نا (أي لا مكررة) أي لا دين لك علي وأنت تكرر عليه هذا الأمر. ومن الغريب أن نكر يشبه اللاتينية معنى ومبنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>