للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فوائد لغوية]

الأوضاع العصرية

كنا في مجلس حافل، وكان اغلب الحاضرين من المنتسبين إلى الأدب وطائفة من هؤلاء الأدباء يشدون شيئا من اللغات الإفرنجية؛ وجرى الحديث على الألفاظ الكثيرة الموجودة في هذه الألسنة التي لا يطمع أبناء عدنان في وضع ما يقابلها في لغتهم المبينة. وكنت ساكتا حتى سئلت. فقلت: أنه من الممكن رأب هذا الصدع، لأن لغتنا من أوسع اللغات، وفيها باب الاشتقاق الذي لا وجود مثيل له في أي لغة من لغات الأرض. نعم، هم عندهم النحت، لكنه لا يضارع الاشتقاق الذي يوقعك على معنى اللفظ، وأن أنت لم تسمع به، أو لم يبينه لك أحد قبل ظفرك به.

فاعترضني واحد - وكان من أبناء العرب - فقال: وهل في لغتك (كأنها ليست لغته أيضا) لفظة تقابل الفرنسية الإنكليزية.

قلت: نعم. وهو كتاب دبير أو دبير وحده لا حاجة إلى ذكر الكتاب.

قال: أني فتشت عن معنى الإفرنجية في جميع المعاجم ولم أر من صرح بوجودها في أي لغة شرقية.

إن أصحاب المعاجم قد يصيبون وقد يخطئون. وقد يقعون على اللفظ العربي، كما قد لا يقعون عليه. وذلك كل على حسب مقدرته من امتلاك ناصيتي اللغتين. ثم قال آخر: أما أنا فلا افهم العربية، فكيف ما يقابلها عند الإفرنج؟

قلت: كلمة بوستوم معناها: كل من يولد بعد وفاة أبيه، ثم يتوسعون فيه فيطلقونه على كل ما ينشر من المطبوعات بعد وفاة صاحبها وبهذا المعنى جاء في اللغة: دبر الحديث عن فلان (وزان نصر ينصر) دبورا: حدثه عنه بعد موته ولما كان الكتاب حديث الرجل لنفسه أو لغيره كان الدبير ما ينشر بعد وفاة الرجل ويجوز لك أن تسميه أيضاً بمصدره أي يجوز لك أن تقول كتاب دبر ودبر وزان صبر. وأما الولد فيسمى (وليد يتيم).

<<  <  ج: ص:  >  >>