للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من دفائن رسائل الجاحظ]

وصل إلينا قبل نحو شهرين مغلف ناقص الأجرة من إيران. ومن عادتنا أن نرفض كل ما سرد إلينا ناقص الإيراد. ويتفق أن يقع لنا مثل هذا الأمر مراراً عديدة في الشهر الواحد؛ إلا أننا هذه المرة خافنا عادتنا، فقبلنا المغلف وأدينا ما وجب أداؤه من إتمام الأجرة لظننا أنه من صديق عزيز لنا في فارس. وأما فضضناه، اسقط في يدنا، لأننا رأينا فيه رسالة دقيقة الحروف وليس بين كلمة وكلمة مغرز نقطة واحدة. وليس في الرسالة (رأس سطر) فأنها من أولها إلى آخرها متراصة الحروف والسطور لا تقرأ إلا بالمنظار. فألقيناها بين المهملات وندمنا على أننا أدينا عنها إتمام الابراد.

ومن بعد مضي شهر عليها أو اكثر، عدنا إلى مطالعتها لنرى موضوعها فرأينا أنها تحوي رسالتين للجاحظ: أولهما (في تفضيل بني هاشم على من سواهم) وآخرتهما (في إثبات إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام) ونطلب إلى القراء أن يفيدونا عما يعرفون من نسخهما.

وقد وهم الناسخ في رسم كثير من الكلم حتى أنه افسد بذلك بعض المعاني. ففي بعض المواطن أمكننا أن نرجع إلى مورد نعرفه فوردناه، فأصلحنا الخطأ، وأما المواطن التي صعبت علينا معرفتها، فأبقيناها على علاتها، تاركين التبعة على الناقل، وهو الشيخ فضل الله الزنجاني، الذي يلقي التبعة على ناقل النسخة التي ظفر بها.

وحضرة الكاتب الأديب لم يقل لنا أين وجد هاتين الرسالتين ولم يصف النسخة التي نقل عنها. ولا سنة كتابتها. والظاهر أن حضرته غير واقف على أصول النقل ولا على أحكام النسخ وطبع المخطوطات، والإفادة التي أفادنا إياها حضرته هي أنه:

(نقل هاتين الرسالتين علي بن عيسى الاربلي، من أفاضل علماء القرن السابع في كتابه. ولولا نقله لهما، لضاعتا كما ضاع أمثالهما. فللموصليين: المتقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>