للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(علي بن عيسى) والمتأخر (الدكتور داود بك الجلبي). الفضل الكبير في حفظ آثار الجاحظ الخالد).

انتهى كلام الشيخ الأديب.

رسالة للجاحظ في تفصيل بني هاشم على من سواهم

بسم الله الرحمن الرحيم

اعلم حفظك الله، أن أصول الخصومات معروفة بينة وأبوابها مشهورة، كالخصومة بين الشعوبية والعرب، والكوفي والبصري، والعدناني والقحطاني، فهذه الأبواب الثلاثة انقض للعقول السليمة وافسد للأخلاق الحسنة، من المنازعة في القدر والتشبيه، وفي الوعد والوعيد، وفي الأسماء والأحكام، وفي الآثار وتصحيح الأخبار. وانقض من هذه للعقول تمييز الرجال، وترتيب الطبقات. وذكر تقديم علي وأبي بكر رضوان الله عليهما.

فأولى الأشياء بك القصد، وترك الهوى، فان اليهود نازعت النصارى في المسيح، فلج بهما القول حتى قالت اليهود أنه ابن يوسف النجار، وأنه لغير رشدة، وأنه صاحب نيرنج، وخدع، ومخاريق، ناصب شرك، وصياد سمك، وصاحب شص وشبك، فما يبلغ من عقل صياد، وربيب نجار؟

وزعمت النصارى أنه رب العالمين، وخالق السموات والأرضين، واله الأولين والآخرين. فلو وجدت اليهود أسوأ من ذلك القول لقالته فيه. ولو وجدت النصارى ارفع من ذلك القول لقالته فيه. وعلى هذا قال علي عليه السلام يهلك في رجلان: محب مفرط، ومبغض مفرط. والرأي كل الرأي، أن لا يدعوك حب الصحابة إلى بخس عترة الرسول. - صلى الله عليه وسلم -، حقوقهم وحظوظهم فان عمر، لما كتبوا الدواوين، وقدموا ذكره، أنكر ذلك وقال: ابدءوا بطرفي رسول الله صلى الله عليه وآله، وضعوا آل الخطاب، حيث وضعهم الله. قالوا: فأنت أمير المؤمنين؟ فأبى إلا تقديم بني هاشم، وتأخير نفسه فلم يشكر عليه منكر، وصوبوا رأيه وعدوا ذلك من مناقبه

واعلم أن الله أراد أن يسوي بين بني هاشم وبين الناس، لما أبانهم بسهم ذوي القربى، ولما قال: وانذر عشيرتك الأقربين؛ وقال تعالى: وانه لذكر لك ولقومك، وإذا كان لقومه في ذلك ما ليس لغيرهم، فكل من كان اقرب كان ارفع ولو سواهم بالناس لما حرم عليهم الصدقة؛ وما هذا التحريم إلا لإكرامهم

<<  <  ج: ص:  >  >>