للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب المكاتبة والمذاكر]

أنظرات أم كبوات؟

صديقنا الفاضل مصطفى جواد مغرم بالنقد. ما يصدر جزء من مجلة لغة ما يصدر جزء من مجلة لغة العرب الغراء. إلا وهو طافح بطائفة من نقوده. فهو من المجاهدين في سبيل اللغة والنحو، وقد استل سيف نقده يميناً وشمالاً. والحق يقال انه كثير الإصابة في ما يعود على اللغة والنحو، وقد يخطئ أحياناً، فيعود فيستغفر الله، ويصحح خطأه بنفسه؛ وقد يصححه له الأب الجليل، صاحب هذه المجلة فيقبله شاكراً كما وقع له في (ألقت) و (الفث)، والجهاد فضيلة، والاعتراف بالخطأ فضيلة مثله، ولكن غرام النقد، قد يسوقه إلى نقد ما هو خارج عن اختصاصه. ولا بد من زلل المرء، إذا تصدى للبحث في ما لا وقوف له عليه. صحح في مقالة (ذم القواد) التي نشرتها في الجزء الأول من السنة التاسعة من هذه المجلة، بضع كلمات، رأيناه مصيباً فيها فشكرناه عليها، ووجدناه بعيداً عن الإصابة في بعضها، فأبى إلا أن يرفضها علينا فرضاً. وكتب في (٩: ٣٧٣) كلاماً في ذلك ينم على ضيق صدر.

تمثل بالآية الكريمة: (وكان الإنسان اكثر شئ جدلا) عند رفضي تبديل كلمة (برود) الواردة في عبارة: (واجل رمص الغفلة ببرود اليقظة) بكلمة (مرود)، وينسى أن قسماً كبيراُ من أجزاء لغة العرب مملوء بجدله، وبألف استشهاد بابن أبي الحديد، ومن لطف المولى، أن الذين يصوب إليهم سهام جدله، لا يلتفتون إلى أقواله، ولو أجابوه عليها لضاقت المجلة بالجدل، ولاقتضى تسميتها (مجلة الجدل). أما أنا فلسوء حظي أراني مضطراً إلى أن أبين له مرة ثانية. إن ما من عاقل ولا مجنون يزيل الرمص بالمرود. إنما يزال بمحلول مطهر، أولا اقل من أن يغسل بالماء، وأم القصد من جلاء الرمص.

<<  <  ج: ص:  >  >>