١ - غلط النحويين في التسوية بين العامل وعلامة الإعراب
قال السيوطي في شرح الألفية مبتدئا (لكن سيأتي أن مذهبه أن المضاف إليه مجرور بالحرف المقدر) وهذا رد منه على من يدعي أن المضاف إليه مجرور بالإضافة بعينها أو إسناد إلى صاحب المذهب الذي يعتبر المضاف إليه مجروراً بحرف جر مقدر. فأقول: أجل إن المضاف إليه مجرور بجاره أي مخفوض بخافضه سواء أكان الجار حرفاً مقدراً أم كانت الإضافة نفسها، فما باله قد لبس قوله بعد ذلك باستصوابه (وأجرر بياء ما من الأسماء أصف) كما قال ابن مالك؟ وقال (يعرب بهذا الإعراب) و (إنه يعرب بالحركات عليه) فقوله خطأ واضح لأن الياء لا تجر ولأن الكلمات لا تعرب بالحركات. فالياء علامة جر والحركات علامات إعراب. وعلامات الإعراب هي غير العوامل الموجبة للإعراب كما أن المسبب (بفتح الباء) هو غير المسبب (بكسرها) أما قول ابن مالك:
وارفع بواو وانصبن بالألف ... واجرر بياء ما من الأسما اصف
فضرورة شعرية لأن الواو لا ترفع والألف لا تنصب والياء لا تجر وإنما هي علامات إعراب ألا ترى أنه ينقض ذلك بقوله:
وارفعوا مبتدأ بالابتدا ... كذاك رفع خبر بالمبتدأ
فمن المضحك في إعراب قولنا (الشاعر مضطر) أن نقول (الشاعر: مبتدأ مرفوع بالابتداء بالضمة. ومضطر: خبر مرفوع بالمبتدأ بالضمة لأن الضمة علامة الرفع. فانحطاط العربية في الأعصار الأخيرة جعل النحويين يتهافتون على خطأ (ابن مالك المضطر) وغيره حتى أن ابن عقيل قال (الأسماء الستة وهي أب وأخ وحم وهن وفوه وذو مال فهذه ترفع بالواو. . . وتنصب بالألف. . . وتجر بالياء) إلا أنه نقض تعبيره بعد ذلك بقوله (فعلامة الرفع والنصب والجر حركة مقدرة على الألف) فاستوى عنده العامل والعلامة وهما منه فالكلمة مرفوعة برافعها ومنصوبة بناصبها ومجرورة بجارها. ومن قال غير هذا فقد أخطأ.