للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواجبات، لأن اللغة إذا فقدت، فقدت القومية، وتناثر أوصالها، وتبددت أشلاؤها.

وللشاعر العصري معروف الرصافي كتاب في هذا الموضوع كسره على ثلاثة غرور: ضمن الغر الأول: أصول اللغة العراقية وقواعدها وأحكامها: وجعل الثاني مجموع مشاهير أقوالهم من مثل سائر وقول عائر، وبيت عامر. وأبقى مفردات الألفاظ مضمون الغر الثالث، ومن كل ذلك قد اكتفى باللباب، وترك التوسع في كل من هذه المضامين الثلاثة لمن يريد الإمعان فيها والاستزادة منها.

ودونك الآن مقدمة هذا التأليف:

(ل. ع)

[دفع المراق في كلام أهل العراق]

بسم الله الرحمن الرحيم

إن لله في خلقه عاملين دائبين يخضع لحكمهما كل حادث في جميع أحواله وأطواره، ونشوءه واندثاره. وهذان العاملان هما الزمان والمكان، فلا شيء إلا وهو ربيب في حجريهما. ورضيع من ثدييهما، يشب بما غذياه، ويشيب بما رمياه، ومن ذلك لغات البشر: فإنها من اكثر الأشياء خضوعا لحكم هذين العاملين في الرقي والانحطاط، وما اختلاف لغات الأمم إلا نتيجة من نتائج هذين المؤثرين.

ولقد تعاورت اللغة العربية أزمنة وأمكنة أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم من اللهجة المعلومة التي تلوكها أفواه العامة لوكا مختلفا باختلاف الأصقاع، كلهجة أهل العراق، وسورية، والحجاز، ومصر، والمغرب وغير ذلك من البلاد المأهولة بالمتكلمين بالعربية.

على أن تأثير الزمان والمكان لم ينحصر من اللغة العربية في تغيير لهجتها فقط، بل قد عم مفرداتها أيضا. فأن من مفرداتها ما قد اندثر ولم يبق له في

<<  <  ج: ص:  >  >>