للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نموذج من تراجم العلماء]

السيد نعمان خير الدين الآلوسي

(تلو)

صفاته وشمائله

قدر الله أن يتوفى السيد نعمان قبل أن أحظى بزيارة هذه الدار بنحو ثلاث سنوات ولا أراه فأتشرف بوصفه لمن يتوق إلى معرفة صفاته تلك، لا تأمل أيها المطالع في كتابنا أن أزودك منها بشيء طائل غير ما تنسمته من سطور مؤلفاته ومحادثة أصدقائه ومريديه عنه.

طالعت كتبه - وأكثرها في الجدل - فرأيت منه عالما ضليعا، وأديبا جليلا، نزيه القلم، أديب النفس، معتصما بحبوة الجد، متنزها عن العبث، منصفا وعدلا في الحكم، واسع العلم شديد التحري للحق. كما أخذت منها: أن عقله كان أكبر من علمه، وعلمه ابلغ من إنشائه، وإنشاءه امتن من نظمه.

وحدثت: أنه كان جوادا معطاء؛ يجود بنفسه لسائله وفيا ذكيا، نقيا تقيا، ورعا زاهدا، يأخذ ما صفا ويدع ما كدر، حفيا بالأهل وذوي القربى، منشطا لأهل العلم، مستقيما في العمل، حلو المفاكهة، لطيف المحاضرة، بشوش الوجه.

وقد رأيت كلمة فيه للأديب أبي النصر يحيى السلاوي في مجلته (الحقائق) ننقلها هنا؛ قال:

(. . . قد حظيت بصحبة الأستاذ المشار إليه منذ لقيته بدمشق الشام سنة ثلثمائة وألف أيام قدومه من العراق قاصدا دار الخلافة المحمية، ثم بالأستانة العلية في السنة التي بعدها فرأيت منه ذاتا شريفة وخلقا سمحا وعلما وعملا حبب أليَّ التردد إليه والانتساب إليه، فجعلت أراقب الفرصة التي تجعل لي حظا في الاستفادة مما لديه، حتى حضرت بين يديه في خلال أوقات متفرقة شيئا من حاشية (رد المحتار على الدر المختار) لمؤلفها ابن عابدين. وكان بودي أن أتلقى عنه كثيرا من الفنون والعلوم لولا شغلت به من عوارض الغربة والهموم. ولكن سماحة نفسه الكريمة وأخلاقه المشهورة اخلفتني خيرا مما فرط مني لعدم مساعدة الوقت وكان يتنازل لتشريفي ويتعهدني بالزيارة في منزلي مرة بعد أخرى

ويملي عليَّ من معقوله ومنقوله ما أنا بحمد الله شاكر. . . الخ)

أما صفته فقد قالوا: كان ربعة نحيفا ابيض اللون يميل إلى الصفرة، وفي أواخر أيامه ثقل سمعه ولم يزيدوا. . . و (رسمه) هذا لا يمثله تماما لأنه صوّر على حين غفلة منه بعيد نقاهته من مرض نزل به، وهو في سفينة بخارية تمخر به عباب (دجلة) إلى (البصرة) للنزهة وقضاء دور النقاهة.

ذكر مؤلفاته مع وصفها

١ - جلاء العينين في محاكمة الاحمدين: أحمد بن تيمية الأمام المجدد العظيم وأحمد بن حجر الهيثمي أحد متفقهة الشافعية. وقد كان هذا شديد الطعن في أئمة الإصلاح ولا سيما في رافع لوائهم الأمام ابن تيمية فقد ملأ كتبه من عبارات الازدراء به والطعن فيه ولا سيما خاتمة (فتاواه الحديثية) فإنه شنع فيها عليه تشنيعا وعزا إليه كل مثلبة وعقيدة فاسدة وآراء كاسدة مما هو خلاف ما صرح به في مؤلفاته الكثيرة، ثم جاء قوم لا يميزون القشر من اللباب. ولا الخطأ من الصواب، فحملهم الجهل بمرويات العلماء على الأخذ بأقواله دون غيره وتمسكوا بها تمسكا جرهم إلى تكفير كل من حدث بخلاف ما حدّث به ابن حجر.

فلما رأى السيد رحمه الله تفشي تأثيره السيئ في طلاب العلم البعيدين عن الوقوف على تفاصيل الأدلة من الكتاب والسنة - لم يجد بدا من تبيان الحق لهم وفاء بالميثاق الذي أخذه الله على العلماء فأعمل يراعته العسالة في تأليف هذا الكتاب الجليل فجاء كتابا جامعا مانعا يثبت فؤاد المنصف ويجلي عن العين غشاوة الباطل، التزم فيه جانب الأدب والأنصاف وتجرد عن نزعات التشيع والحب فحرر المسائل بأدلتها وضم الأشباه إلى نظائرها وتحرى العدل وجانب الجور حتى كشف عن وجه الحقيقة الحجاب، وهنالك عرف من هو مرتاب، وقد طبع الكتاب (بالمطبعة المصرية ببولاق) سنة ١٢٩٨هـ بأمر ملك بهوبال السيد حسن صديق خان عليه الرحمة فجدير بكل مسلم أصيب بداء التقليد أن يدرس ما بين دفتي هذا السفر الجليل من المباحث الإصلاحية ويتدبره جيدا، ليصفو جوهر عقله.

٢ - الجواب الفسيح. لما لفقه عبد المسيح: سفر عظيم في مجلدين كبيرين رد به الرسالة المنسوبة لعبد المسيح بن اسحق الكندي التي أجاب بها في زمن المأمون رسالة عبد الله بن إسماعيل الهاشمي حينما دعاه فيها إلى الإسلام وكلاهما فيما يظهر مزور

وقد طبعت الرسالتان في لندن سنة ١٨٨٠م ثم في غيرها من بلاد العرب والرد في المطبعة الإسلامية بلاهور قاعدة بنجاب من ممالك الهند وقد فرغ من تأليفه غرة جمادي الأولى سنة ١٣٠٦ هـ.

٣ - غالية المواعظ: طبع في مصر مرتين وهو عمدة الواعظين اليوم ولا سيما في العراق.

٤ - الأجوبة العقلية. لاشرفية الشريعة المحمدية: كراسة أجاب فيها عن سؤال وجهه محرر في جريدة الحبل المتين الفارسية التي تصدر في كلكتة بالهند إلى علماء الإسلام طالبا إثبات دعوى أن النبي (ص) خاتم الأنبياء وأن شريعته نسخت سائر الشرائع وو. . . الخ. طبعت في مطبعة كلزار حسني ببمبي سنة ١٣١٤هـ.

٥ - صادق الفجرين. في جواب أهل البحرين: كتاب في علي ومعاوية (رضي الله عنهما) في نحو ٧٠ صفحة بالقطع الكبير ولم يطبع. ومنه نسخة في خزانتنا (الخزانة الأثرية) وفي خزانة المترجم (الخزانة النعمانية) في مرجان.

٦ - شقائق النعمان، في رد شقاشق ابن سليمان: كتاب جليل ألفه في صباه ردا على بعض معاصريه ممن أسرف في اللغة. منه نسخة في (الخزانة النعمانية) بخط المترجم وهي في نحو ١٠٠ صفحة

٧ - الأجوبة النعمانية. عن الأسئلة الهندية: كتاب في مسألة الاستواء وخاتمة النبوة المحمدية في نحو ٢٢ صفحة بالقطع الكبير. بخط المترجم في النعمانية.

٨ - الإصابة في منع النساء من الكتابة: جواب سؤال ورد من الهند تكلم فيه حسبما ظهر له وارتأى؛ ونحن لا نوافقه على ما ذهب إليه ولدينا من الأدلة الشرعية والعقلية ما فيه مقنع إن شاء الله.

٩ - الحباء في الايصاء: طبعه ابنه الأستاذ السيد علاء الدين في الأستانة

١٠ - سلس الغانيات في ذوات الطرفين من الكلمات: كتاب لغوي في الأسماء التي تقرأ طردا وعكسا مثل: قلق وسدس وليل. طبع في المطبعة الأدبية ببيروت سنة ١٣١٨هـ وعليه تعاليق لطيفة لأبنه شيخنا السيد علاء الدين

١١ - مختصر ترجمة الإمام أحمد بن حنبل لأبن الجوزي.

١٢ - الطارف والتالد في إكمال حاشية الوالد: على شرح القطر للإمام ابن هشام النحوي الشهير طبعت في القدس سنة ١٣٢٠هـ

١٣ - حور عيون الحور: مجموعة من نظمه ونثره ذكرها شيخنا ولم اعثر عليها في خزانة كتبه.

هذا وقد نشر رحمه الله عدا كتب أبيه كتاب الألفاظ الكتابية لعبد الرحمن ابن عيسى الكاتب وقد دعاه كتاب الأشباه والنظائر ونسبه سهوا إلى عبد الرحمن الانباري.

محمد بهجة الأثري

<<  <  ج: ص:  >  >>