للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[اللغة العامية]

لم يضع الأقدمون مؤلفا في اللغة العامية العربية، بل أشاروا إلى وجودها من طرف خفي. في تضاعيف كلامهم عن لغات العرب وقبائلهم، وحسنا فعلوا أنهم لم يدونوا شيئا عظيما في هذا الموضوع ولو كانوا فعلوا لما استطاعوا أن ينشروا لغة قريش ويجعلوها لغة واحدة لجميع القبائل وفي جميع الديار العربية.

وما فعله العرب قبيل الإسلام فعله الإفرنج على اختلاف قومياتهم في صدر حضارتهم. هؤلاء الفرنسيون والاسبانيون والإيطاليون والإنكليز والألمان إلى غيرهم. كان لهم لغيات ولهجات: إلا أنه نبغ فيهم رجل كتب كتابا جليلا بلهجته الخاصة به فاتبعه قومه. ثم حظروا اتخاذ لهجة أخرى فتوحدت اللغات وفي الوقت عينه توحدت القومية والأفكار والخواطر ونشطت العلوم والفنون والصنائع وكثرت المصنفات على تنوع مواضيعها.

ولما تمكنت تلك اللغة القومية من أعضاء الأمة، أجاز أولو الأمر بعد ذلك رجوع كل قبيل أو كل جيل من أجيال الأمة العظمى إلى لهجتها، وهكذا نرى اليوم في فرنسة من يكتب بلغة بروفنسة وبريطانية الصغرى، وكذا نرى في أسبانية من يعيد درس الباسكية وتقويتها. وهكذا قل عما يجري في إيطالية وألمانية وانكلترة. إذ كل جيل من أجيال تلك الأمم الكبرى يحاول إعادة درس لغة قومه أو لغة قبيلته أو لهجة صقعه.

وعليه اصبح اليوم من اللازم درس كل قوم لهجة وطنه، إذ لا خطر اليوم على اللغة الفصحى بعد أن تمكنت في جميع البلاد، واصبح درسها من أول

<<  <  ج: ص:  >  >>