للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منفرجة الأسافل ثم شاهد ثياب أهل البلاد المعتدلة متوسطة بين السعة والضيق وتثبت أن أهل البلاد الباردة لا يلبسون إلا الثياب الضيقة التي لا ينفذها الهواء. فقال في نفسه: إن الثوب رأى أن لابسه في البلاد الحارة يحتاج إلى الهواء، فأتسع، ثم رأى أن البرد يقرس الرجل إذا كان عليه ثياب فضفاضة فضاق وتجمع حتى لا يصيب صاحبه البرد. وعلى هذا تبين ذكاء الثوب إذ طابق حالته دائما لحالة البيئة التي وجد فيها.

قلنا: ومن لا يرى سقم هذا الاستدلال؟ أفلو عكس المستدل هذا التعبير أما كان اقرب إلى الصواب. أفليس صاحب الثوب هو الذي رأى مناسبة قطعه على تلك الصور الثلاث المختلفة. تطبيقاً لها على مقتضيات اختلاف حالة الجو؟ فليتأمل العاقل ولينصف في قوله.

[وصف مدافن البحرين]

وصفاً مفصلاً

كل مدفن يشتمل على غرفتين كبيرتين الواحدة فوق الأخرى مبنية من قطع صخر ضخمة ولا يبعد أنها قد قطعت (من جبل الدخان) الواقع في صحراء بعيدة ويوجد فيها أيضاً على جوانبها غرف ومعابر مسيعة بطين على غاية الإتقان ولا يوجد عقود أو دعائم ويظهر أن الغرف قد بنيت قبل أن تبنى سائر ما يحيط بها من البناء. وهذا البناء محكم مجصص وله طبقات مرصوفة من التراب وصغار الحجارة وكائن هذه المدافن قد أقيمت لمقاومة الدهر وصد آفاته فمحيط أساس أكبر التلال نحو خمسين ذراعاً وقد عثر القائد دورند على هيكل بشري في الغرف السفلى طوله نحو تسع أقدام صغير الجمجمة منخفض الجبين واسع حرف حجاج العين (المحجر) وعندما عرضت الجمجمة للنور والهواء تكسرت كسراً عديدة. إن رؤية بعض عظام الهياكل تدل على أن أصحابها دفنوا وهم جلوس ويظهر لنا انهم كانوا من وجوه الأمة وسراة القوم وكان دفنهم يجري على خلاف ما كانت تدفن العامة على حد ما هو جارٍ اليوم عندنا في دفن البطاركة والمطارنة والملافنة والأساقفة وسائر الرؤساء الروحانيين بيد أن ذلك يحتاج إلى بحث دقيق وفحص كثير وقد اكتشف حديثاً في المنعطفات

<<  <  ج: ص:  >  >>