للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الزواج عند يهود بغداد]

١ - تمهيد

تختلف مناهج وأساليب الزواج عند يهود بغداد اختلافاً يذكر عن وطنييهم المسلمين والمسيحيين حتى أن اغلب أبناء الزوراء يجهلون اليوم جل عاداتهم إن لم نقل كلها ولهذا أحببنا أن نطلع قراء مجلة (لغة العرب) الكرام بهذه النبذة على عادات زواجهم فنقول:

٢ - انتقاء الزوجة ومسألة الصدق

إذا وطن الشاب نفسه على الاقتران يطلع والديه على ما يدور في خلده (هذا إذا كان له والدان وإلا فيكاشف بما في صدره أقرباءه أو أحد معارفه) فيستدعي الأبوان أحد دلالي الفتيات (وما أكثرهم عند اليهود!) ويعرضان عليه مسألة ولدهما فيأخذ الدلال ويصف لهما حالاً بعض الفتيات اللواتي يعرف أسماءهن ويذكر منيني (دوطة) كل منهن واسم أبويها ولقب أسرتها ويثني على مناقبها ومحاسنها فإذا صادفت إحداهن حظوة وراقتهما يخبران عنها أبنهما ويأخذانه معهما إلى دار والديها حتى يراها بعينه. وكان يحظر على الفتى في السنين السالفة أن يرى الفتاة قبل عقد النكاح أما الآن فقد خرقت تلك العادة السيئة المغبة ولم يبق حكمها جارياً إلا عند طائفة من المتعلقين بأهداب العوائد القديمة. فإذا رآها الشاب وأعجبه حسنها وآدابها يخبر والديه بأنها قد وقعت في نفسه فيأخذان بمساومة الدلال في أمر الصداق (الدوطة) فيعرض عليهما الرجل قدراً من الدنانير فإذا وجداها زهيدة بالنسبة إلى مقام أبنهما يقولان له بكل تصريح إن ثمن ولدنا لأكثر مما دفعت له فيذهب الدلال إلى أهل الفتاة ويقنع والديها أن يزيدا نقود المهر لأن الفتى من زهرة الشبان النجباء ومن نخبة الفتيان الأدباء النبلاء وأهل لكل المحامد والفضائل وهو جدير بأن يدفع له مبلغ يجذبه إلى الابنة. هذا فضلاً عن أنه وجيه بين أقرانه عظيم عند معارفه وأخدانه ويأخذ بالثناء على همته ومروءته وما له من المنزلة الرفيعة عند التجار والأغنياء إلى أن يغوي الدلال سامعيه في اغلب الأحيان بنا يبذل من شقشقة لسانه حتى يبلغ مناه وينال

<<  <  ج: ص:  >  >>