للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مدن العراق القديمة]

كيش (تل الاحيمر)

تابع:

وعلى من يزور كيش أن يصعد قبل كل شيء إلى الزقورة الخربة (تل الأحيمر) فيرى في وسطها المتخذ من اللين ما يدل على إن الزقورة العظيمة أحرقت برمتها، لان الملاط الصلصالي نفسه مشوي. وهناك نوافذ تخترق التل من جانب إلى جانب وقد أصبحت الآن مأوى الثعالب. ويرى بين طبقات الآجر طبقات الرماد الأبيض الدال إلى هذا اليوم على نوع الحصير المستعمل، وهو من جنس الحصير الذي يتخذه العرب في زمننا هذا ليعمروا به أكواخهم (راجع أيضاً ما يخص عقرقوف وبرسبا).

ويتضح عظم المدينة الواسعة الأرجاء لمن يجول بنظره وهو واقف فوق قمة برج الهيكل الذي يبلغ اليوم من الارتفاع نحو ستين قدماً. ولكنه كان في حينه أعلى من هذا بكثير. ويمكن اقتفاء أثر أهم مزايا البلدة بمراجعة الخريطة. وطول مدينة كيش زهاء خمسة أميال في عرض ميلين، ويظهر أنها كانت في بادئ أمرها مدينتين توأمتين واقعتين على ضفتي الفرات المتقابلتين، وكان يجري النهر من الفجوة التي ترى بين طائفتي الروابي الرئيستين. وكان هيكل إلبابا وزقورته قائمين على ضفة النهر على نيف ونصف ميل من باب المدينة الغربي. وفحصت الروابي الواقعة هنا وهناك بين ساحة الهيكل وبين موقع الباب فاتضح أنها بقايا دور سكنى، وكانت تتألق في الزمان الذي أعاد ملوك بابل العظام، ملوك السلالة الأولى، هيكل اله الحرب وزخرفوه.

ومن هناك يسير الزائر إلى أخربة قصر محصن واقع على مسافة نحو ميل شرقاً في وسط منطقة تجذب الأنظار لخلوها من التلول، ويظهر في أول وهلة أنه لا يتوقع شيء فيها. ومع ذلك بعد مرور يومين من هبوط الأمطار تبدو في الموقع نفسه عدة أبنية كبيرة بدواً جلياً فوق التراب. ويمكن إذ ذاك اقتفاء أثر

<<  <  ج: ص:  >  >>