للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في نحو وسط جانبنا الشرقي من بغداد، في محلة سوق الغزل اليوم منارة منفردة لجامع قديم باسم المحلة، كانت في رحبة من الأرض مستطيلة قليلا تكسيرها نحو خمسمائة متر. وفي ثلاث من جهاتها أبواب لدور حقيرة. ثم منذ نحو ثلاث سنوات أحيطت الرحبة بجدار ارتفاعه نحو مترين ونصف. وفي هذه العرصة تباع الغنم صباح كل يوم. والمنارة في نحو وسط هذه الرحبة وهي شاهقة البناء تشرف على المدينة وأنحائها من علو لا يماثله علة عندنا. وهي كذلك الشيخ الفرد النادر الذي شوهت وجهه تجعدات العتي لكنه لا يزال منتصب القامة متجلدا صابرا على حلو الأيام ومرها. وصبر المنارة على عوامل الطبيعة دليل باهر على تقدم فن الريازة في ذلك الزمن وعلى انتقاء الرزاة مواد البناء من احسن أنواعها وإتقانهم صنع الأجر وغير ذلك.

وبمقربة من المنارة في غربيها الجنوبي على بضع عشرات من الأمتار مسجد جامع بغير منارة معروف على الألسنة بجامع سوق الغزل. وإذا استقصينا الخبر من الماضي عن الجامع التاريخي القديم الذي بنيت له المنارة أجابتنا صحائف الأخبار أنه كان يسمى جامع الخلفاء قبل نيف وثلاثين قرون على أقل تقدير كما سيجيء. وبإيغالنا في تاريخه في ما قبل ذلك نجد أنه كان يسمى في القرن السابع للهجرة وما قبله (جامع الخليفة) أو (جامع القصر).

[جامع سوق الغزل غير جامع الرصافة]

نشرت جريدة (العرب) البغدادية - في عددها الصادر في ١٤ أيلول سنة ١٩١٧ والمرقم ٣٨ - مقالة بغير توقيع عن جامع سوق الغزل أنه مع الرصافة وأن المنارة التاريخية منارته وشتان بين قولها وبين الحقيقة؛ ثم نقلت مجلة مرآة العراق تلك المقالة (١٣٢٧هـ - ١٩١٩): ص من ٨ إلى ٩ من عددها الثاني.

ومن الغريب أن كاتب المقالة بعد أن استشهد بابن الأثير عن بناء جامع

<<  <  ج: ص:  >  >>