كنا نشرنا في المجلد الخامس من (لغة العرب) رثاء الدكتور أبي شادي للعلامة الدكتور صروف عميد (المقتطف)، ثم قصيدته الكبرى التي نظمها لحفلة التأبين. وعقبنا على ذلك بكلمة نقد صريحة حققت الأيام صدقها. وإن أدهشت بعض القراء الذين لم يقفوا مثلنا على تيار الحركة الأدبية في مصر. ونحن نأسف لذلك، وكنا نتمنى أن نكون مخطئين، حتى لا يصدق دائما على الأقطار العربية أن نوابغها غرباء فيها، وإن أكثر ما تعتمد عليه الشهرة فيها هو المال أو النفوذ الاجتماعي. ونحن ننشر اليوم للمقارنة الأدبية النقدية قصيدة أحمد شوقي بك الشاعر المعروف، حتى يقارنها القراء بما سبق لنا نشره. تاركين لهم الحكم المستقل، وإن كنا واثقين من انتصارهم لآرائنا النقدية. وبعد هذا إلا ترى زميلتنا (العصور) أننا وغيرنا من مقدري الدكتور أبي شادي معذورون على مقابلة هذا الجحود لأدبه فضلا عن التحامل عليه بإعلان تقديرنا لأثاره ومواهبه؟! وهذا هو شعور أصدقائنا المستشرقين أيضاً.
قصيدة شوقي بك
سماؤك يا دنيا خداع سراب ... وأرضك عمران وشيك خراب
وما أنت إلا جيفة طال حولها ... قيام ضباع أو قعود ذئاب
وكم ألجأ الجوع الأسود فأقبلت ... عليك بظفر لم يعف وناب
قعدت من الإظعان في مقطع السرى ... ومروا ركابا في غبار ركاب
وجدت عليهم في الوداع بساخر ... من اللحظ عن ميت الأحبة نابي
أقاموا فلم يؤنسك حاضر صحبة ... ومالوا فلم تستوحشي لغياب
تسوقين للموت البنين كقائد ... يرى الجيش خلقا هينا كذباب
رأى الحرب سلطانا له وسلامه ... وان آذنت أجناده بتباب
ولولا غرور في لبانك لم يجد ... بنوك مذاق الضر شهد رضاب
ولا كنت للأعمى مشاهد فتنة ... وللمقعد العاني مجال وثاب