للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من سعو بن جمو - لكننا ارتبنا في صحتها. لأننا قلنا: لعله يفيدنا بهذه الإفادات بلوغا إلى غاية نجهلها الآن، ولا تتضح لنا إلا في ما بعد ثم قلنا: لعله يوهمنا ليحملنا على اعتقاد أشياء لا حقيقة لها في ذاتها. ولهذا أخذنا نبحث عن رجل آخر يفيدنا عن حقيقة ما سمعناه. فمضى على تلك المدونات نحو أربع سنوات واتفق إننا عرفنا كاكائيا آخر فكلمناه فزاد شيئا عليها، لكنه لم ينكر علينا واحدة منها وإن لم نكن نذكر له شيئا مما كنا سمعناه. بل كنا نلقي عليه أسئلة فكان يجاوبنا عليها وكنا ندونها أمامه بلا خوف، لأنه كان أديبا فاضلا.

ثم عرفنا ثالثا كان جاء إلى بغداد ليبيع شققا من البسط، وكان قد سمع بأننا في حاجة إلى عدد منها؛ فجاء بها إلينا فسألناه عن وطنه واصله ولغته ومذهبه فقال إنه (كاكائي) فقلنا له: وما تريد بذلك؟ إلى آخر الأسئلة، فكانت أجوبته تقوي ما كنا قد نقلناه عن أخويه. والرجل حي يرزق وهو الآن في جهة سليمانية.

١١ - الخلاصة

الكاكائية فرقة دينية منتشرة في أنحاء كركوك منذ قديم العهد، ولها أسرار غامضة لا يبوح أصحابها بها إلى غير إخوانهم، ولهم ألفاظ خاصة بهم يتعارفون بها وكان أبناؤها سابقا من عناصر مختلفة؛ أما اليوم فأجل عنصر فيها هو الكردي.

وسميت بهذا الاسم لأن (كاكا) بالفارسية هو ألام الأكبر - وللأخ الأكبر عند الشرقيين اعتبار خاص في الأسرة يتميز به عن سائر اخوته الأصغرين وذلك لأن الأب كان يبوح لابنه البكر فقط بأسراره الخاصة به وبالأسرة فكان الولد الأكبر مستودع الأسرار، والغنى، والشرف، والمجد، والقوة، والسؤدد، وهو ما يرى إلى اليوم في تلك الأرجاء.

وكان الأب يعد ابنه في حياته لهذه الغاية ومسألة انتقال أمور المملكة إلى البكر غير مجهولة في ديار الغرب نفسها، بل كان البكر في حياة أبيه ينوب هو عنه في غيابه دون سواه. وأبناء الشرق يحافظون على عاداتهم الموروثة عن آبائهم الأقدمين إلى عهدنا هذا وإن كان هذا الأمر لا يرى في جميع هذه الديار بصورة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>