بقلم الأستاذ الشايب مدرس الأدب العربي في المدرسة العباسية الثانوية بالإسكندرية
١ - لعل الأخطل أكثر الشعراء الإسلاميين اتصالا بالعصر الجاهلي في أغلب نواحيه، إن لم يكن في كل نواحيه، ولعل القدامى لم يخطئوا حين قالوا: لو أدرك الأخطل الجاهلية لما فضله أحد في الشعر. وما عساك تبغي من شاعر انتهت إليه البلاغة الجاهلية في فنه وموضوعه ونزعته ثم أضاف إليها عصارة الحياة الإسلامية في أولها، أي حين كانت الحكومة العربية الدولة الإسلامية خالصة العروبة والدين، لم تشبها حضارة فارس واليونان، ولم تتورط فيما تورطت فيه من السياسة الفارسية والنزعة الغربية أيام بني العباس، فإن نحن عرضنا اليوم لدرس هذا الشاعر الفذ فإنما ندرس النفس العربية في بدايتها من جهة، وفي فنونها الأدبية من جهة ثانية، وفي أسلوبها الحكومي أو السياسي من جهة ثالثة، ثم صلابتها الخلقية والدينية آخر الأمر. ولقد يخطئ المؤرخون الذين يعتبرون رجال التاريخ وحدات مستقلة عن الدنيا كأنهم هبطوا من السماء،