للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أصل كلمة العراق ومعناها]

١ - تمهيد

تلقيت من البريد رسائلك، كما تلقيت بفرح لا يوصف ولذة لا مثيل لها أجزاء لغة العرب. وأهنئك ببعثك أياها. قابل الفرق بين ديار العراق وديار فارس: في طهران علماء وأدباء وفضلاء أوفر عددا مما من أمثالهم في وادي الفراتين، ومع ذلك لا تجد في هذه الربوع ما يماثل مجلتك.

وقد سألتني أن أعيد إليك ما كنت قد كتبته إليك سابقا بخصوص أصل كلمة العراق ومعناها. ويسوءني أن أقول لك إن الكتب اللازمة للاستشهاد بها ليست معي في ديار الغربة بل أبقيتها في موطني برلين. على أن ما لا يدرك كله لا يترك جله. وعلى كل حال ما اذكره لك الآن هو من حفظي ولهذا اسرد لك ما أظنه أنه المهم من أمر البحث.

٢ - أركان البحث

الحرف (ق) (القاف) الذي يذيل بعض الكلم العربية المنتقلة إليها من الفارسية قد ينوب عنه (ج) (الجيم) في بعض الأحيان. وفي البهلوية لا تختم الألفاظ بحرف علة بل بالكاف (ك) وكان يتلفظ بها في عهد الفتوحات العربية كما يتلفظ بالكاف التركية المعروفة بصاغر كاف في عهدنا. وفي مثل هذه الحالة كان ينطق بها جيما وفي بعض الأحيان كان يتلفظ بها كالحرف الإفرنجي وفي مثل هذه الحالة كانت تحول إلى قاف عربية.

في الفارسية القديمة كما في اللغة البهلوية كلمتان: (ابريك) (بالياء المثلثة الفارسية أي أعلى) و (اذريك) (أي أدنى) وكان أبناء العصر الساساني يلفظون الكلمة الأخيرة هكذا (ايريك) (بكاف فارسية في الآخر تشبه الجيم المصرية) ثم دخلت الكلمة في مصطلحات أسماء البلدان فكان يقال مثلا عن ديار نيشابور (ابرشهر) أي البلاد العليا. ووجد في بعض النصوص الصغدية التي عرفت في هذه الأزمان كلمة تقابلها. ولعل الكلمة اسم مكسوع بحرفين وهما (اك) (والكاف فيها فارسية) اللذان يقابلهما في الفارسية الحديثة الألف في الآخر

<<  <  ج: ص:  >  >>