للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مريم]

معربة عن الفرنسوية عن الرسائل البانية

في سنة ١٢١٤هـ (١٧٩٩) كان في الناصرة رجل نصراني اسمه يوسف. وكان قد تزوج امرأة كنعانية اسمها مرتا. فبارك الله اقترانهما وولدت مرتا بعد سنيين ابنة حسناء تخجل البدر بطلعتها البهية. ولم يجد لها أبوها من الأسماء ما يذكر هذا الجمال البديع، والمنظر السنيع، إلا (مريم) تلك العذراء التي قضت بضعة أعوام في هذه البليدة عينها فسماها باسمها. فحق أن يقال عن كل من هتين المريمين:

ولو كانت النساء كمثل هذى ... لفضلت النساء على الرجال

نشأت مريم بين أترابها وهي بينهن كالبدر بين الكواكب الزاهرة، لان جمالها لم يكن إلا أمراً لا شأن له بالنسبة إلى ما اتصفت به من الأوصاف التي تجعل الابنة في مقام رفيع من الخطوة عند الناس بحسن الآداب وتوخى الفضائل والمبرات، حتى ناهزت السنة الثانية عشرة من عمرها، ففقهها الأب انطونيو رئيس دير الرهبان الفرنسيين أصول الدين واعدها للتناول الأول.

في أثناء تعليمها مبادئ الديانة لاحظ رئيس دير اللاتين ذكاء هذه الابنة ما يميزها عن سائر أترابها. فعرض على والديها أن يعلمها القراءة والكتابة. ففرحا بهذه البشرى فرحا لا مزيد عليه. وأما مريم فكادت تطير من فرحها لما عرفت ما نواه أبواها ومرشدها. لأنها كانت تقول لمن يسمعها: ما اسعد حظي إذا تمكنت من مطالعة

<<  <  ج: ص:  >  >>