للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنجيل الجليل كلما أمكنني ذلك. وما اعظم فرحي حينما اتبع الكاهن عند تلاوته التنزيل العزيز ولما سمع كلام الله وقت القداس في الكنيسة التي هي بيعة مريم ومحل تبشيرها بأجل البشائر.

ما مضت ثمانية أشهر على ابتدائها بالدرس إلا وأتقنت مريم اللغة العربية والإيطالية والأسبانية قراءة وكتابة. فهل بعد هذا الدليل الواضح ما يبقى شكاً في توقد فؤاد هذه الغادة الغيداء الغريبة الذكاء.

وان خفيت كانت لعينيك قرةً ... وان تبد يوماً لم يعمك عارها

من الخفرات البيض لم تر شقوة ... وفي الحسب المحض الرفيع نجارها

فلما رأى الأب انطونيو هذه الابنة تتلقف من فيه العلم تلقفاً، أوقفها على وقائع التاريخ

وعلى علم تقويم البلدان وتخطيطها فشدت شيئاً منهما. وكانت كلما تعلمت بعض العلوم يتسع لعينيها أفق المعارف وتنبسط تخوم أفكارها وتمتد إلى ابعد الأصقاع. والخلاصة أنها كانت تزيد علماً وفضيلة كلما تقدمت سناً. لان الغاية الصمدانية كانت قد جادت عليها بعوارف العقل والذكاء فزاد فؤادها توقدا المثابرة على الدرس وتعاطي أطراف العلوم. ولما بلغت السنة الخامسة عشرة من عمرها أصبحت ابنة يوسف خوداً من أشهر الخود بمضاء ذكائها وصدق اطلاعها على جل معارف القوم.

ذلك هو وصف مجمل ما ازدان به عقلها الثاقب وأما محاسنها الظاهرة فلا يصورها قلم ولو كنت مصورا ماهراً أو كاتباً جليلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>