للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فوائد لغوية]

لا تقل البحر الأبيض بل بحر الروم أو بحر الشام

كثر ذكر البحر الأبيض في جرائدنا العراقية ومنها ما زادت على (الأبيض) قولها: المتوسط، فصار البحر الأبيض المتوسط. وكل ذلك غير معروف عند سلفنا. والذي عرفوه هو (بحر الروم) أو (البحر الرومي) أو بحر الشام على أن المترجمين في أوائل القرن الماضي، نقلوا عن الإفرنجية معناها فقالوا البحر المتوسط لأنه يتوسط العالم القديم أي آسية وأفريقية وأوربة. فرضينا بذلك لان الأقدمين من آبائنا نقلوا معاني بعض الكلم الأجنبية إلى لغتنا نقلا معنويا.

أما (البحر الأبيض) فليس له ذكر في كتب مؤلفينا الأقدمين. طالع ياقوت وأبا الفداء والمسعودي واليعقوبي وابن خلدون وغيرهم، فانك لا تجد للبحر الأبيض ذكرا.

نعم للإفرنج (بحر ابيض) يتخلج من الاقيانوس الجامد الشمالي في شمالي روسية. وقد عرفه المعاصرون باللفظيين اللذين ذكرناهما. لكن لم يريدوا به البحر الرومي، كما يظنه بعض المغفلين.

أما من أين أتانا هذا الوهم، فهو من ناقلي مصنفات الترك إلى لغتنا. فان جيراننا المذكورين يسمون بحر الروم (بحر سفيد) أو (آق دكيز) وكلاهما يعني (البحر الأبيض) الاول مركب من (بحر) العربية و (سفيد) الفارسية بمعنى الأبيض والثانية من (آق) أي ابيض و (دكيز) أي بحر وكلاهما في التركية. وقد بحثنا عن سبب هذه التسمية في قاموس الأعلام لشمس الدين سامي فراشري فلم نجد لها شرحا كما لا يعرفها سائر الأقوام المنبتة على سواحله. افنجد بين القراء من يذكر لنا ذلك معتمدا في كلامه على مصنفات الأولين وان كانوا أجانب؟

أما رأينا الخاص فهو أن الأتراك سموا بحر الروم بالبحر الأبيض من باب

<<  <  ج: ص:  >  >>