للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رسالة إلى أبي عبد الله]

احمد بن أبي دؤاد الايادي، من كلام أبي عثمن عمرو بن بحر

الجاحظ

كتبها إليه يخبره فيه (فيها) بكتاب الفتيا

(لغة العرب) هذه تتمة الرسائل التي ذكرها حضرة الدكتور داود بك الجلبي ووضعها، وهي من عين المجموعة المذكورة سابقاً.

بسم الله الرحمن الرحيم

أطال الله بقاك (بقاءك)، واعزك، واصلح على يديك. كان يقال: السلطان سوق، وإنما يجلب (يجلب) إلى كل سوق ما ينفق فيها. وأنت أيها العالم، معلم الخير، وطالبه والداعي إليه، وحامل الناس عليه، من السلطان بأرفع المكان. لان من جعل الله إليه مظالم العباد ومصالح البلاد وجعله متصحفا (متفحصاً) على العصاة. وعباد (عتادا؟) على الولاة. ثم جعله الله منزع العلماء ومفزع الضعفاء، ومستراح الحكماء فقد وضعه بأرفع المنازل، واسني المراتب. وقد قال أهل العلم، وأهل التجربة والفهم: لما يزع الله بالسلطان، اكثر مما يزع بالقرآن. وقد كان يقال شيئان متباينان، أن صلح أحدهما صلح الآخر: السلطان والرعية. فقد صلح السلطان، وعلى الله تمام النعمة في صلاح الرعية حتى يحقق الاثر، ونصدق الشهادة في الخبر، فنسئل (فنسأل) الله الذي منحك حسن الرعاية، أن يمنحنا حسن الطاعة. وقد نظرت في التجارة التي اخترتها والسوق السوق التي أقمتها، فلم أر فيها شيئاً ينفق إلا العلم والبيان عنه، وإلا العمل الصالح، والدعاء إليه، وإلا التعاون على مصلحة العباد ونفي الفساد عن البلاد. وأنا مد الله في عمرك، رجل من أهل النظر، ومن حمال الأثر، ولا اكمل لكل ذلك ولا أفي إلا في سبيل أهله وعلى منهاج أصحابه. والمرء مع من احب، وله ما اكتسب.

وعندي أبقاك الله كتاب جامع لاختلاف الناس في أصول الفتيا، التي عليها

<<  <  ج: ص:  >  >>