كل من وقف على جزء من أجزاء هذه المجلة (مجلة المجمع العلمي العربي) عرف ما لها من صدق الجد وخدمة اللغة العربية خدمة لا يمكن أن ينكرها أن ينكرها إلا من أعمته الغايات وحطته إلى اسفل الدركات وفي كل جزء يصدر منها جواهر نفسية ينظمها في عقدها المتزايد قيمة جماعة من أفاضل الشرف والغرب والجميع يتنافسون في قتو هذه الملكة - ملكة اللغات طرا - فينقلب القارئ بعد وقوفه على ما فيها من بديع المقالات حافل الوطاب مفتخراً بما في اللغة الضادية من دفائن الكنوز التي لا يقف الطرف على طرفها وأن صرف عمره بل أعماراً في هذا السبيل.
ومما نستحسنه في القائمين بشؤون تحبيرها وتحويرها أنهم لا يستنكفون من نشر ما يخالف آراءهم الخاصة، ولا سيما ما يخالف رئيسيها الجليلين:(محمد كرد علي والمغربي) وهذا أدل دليل على أنهما ومن معهما يتوخون الحقيقة والصدق في كل ما يقولون أو يقولون به ولهذا لا ينكرون الحقيقة على من يجاريهم في هذا الصراط إذا كان من يخالفهم في آرائهم يخلصون النية وخدمة اللغة ونشد الضالة المطلوبة.
وقد بدأت المجلة المذكورة سنتها العاشرة بطبع الجزء الثامن من كتاب نشوار المحاضرة تلك الدرة البديعة التي أتحفنا بها القاضي التنوخي. وقد ظفر به الأستاذ الإنكليزي الشهير د. س. مرجليوث كما ظفر بالجزء الأول ونشره في مصر في سنة ١٩٢١ ومجلة المجمع لم تفعل هذا الأمر إلا إجابة لطلب الأستاذ مرجليوث الذي طلب إلى أعضاء المجمع أن ينشروا هذا الجزء الذي وجده مخروماً في متحفة لندن وأن يكون النشر تباعاً في مجلتهم ثم يفرد على حدة بعد أن يعلق عليه بعض التصحيحات منها للأستاذ مرجليوث ومنها للمجمع نفسه فاستحسنا هذا