للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صفحة من تاريخ أسر بغداد]

بيت عراقي قديم

محمد نظمي البغدادي والد مرتضى أفندي المشهور بنظمي

زاده

٢ - إن الآداب واللغة لا تقوم لها قائمة ما لم تتكاتف المواهب لترقيتها وان استخدام الأقوام الأخرى لهذا الغرض مما يزيد في نموها وتكاملها كما وقع ذلك فعلا في اللغة العربية إبان نهضتها وفي كثير من لغات اليوم. لذا نرى عصور التدهور والانحطاط ألحقت كل الخسارات بهذا القطر فجعلت أبناءه آلة لغيرهم في خدمة آدابهم ورعاية شؤونهم العلمية والإدارية حتى نفذت في مناهج الأمة كافة فكانت هذه الوجهة شديدة الخطر على الآداب العربية إذ صار أبناؤنا يخدمون لغة الأغيار وعادت مواهبهم تصرف لمنفعتهم.

وقد رأيت أيها القارئ جماعة ممن خدموا آداب غيرهم فضلا عن انتهاج سياستهم فصاروا يعدون من أكابر الأدباء لديهم مثل الشاعر فضولي وروحي البغدادي وأمثالهما كثيرون. ومنهم مترجمنا محمد نظمي أفندي، وهذه صدمة قوية زعزعت من أركان اللغة العربية.

كان العرب يجذبون إليهم الأقوام الأخرى ويستخدمونهم لمصالحهم العلمية والأدبية والصناعية والسياسية. والشواهد على ذلك كثيرة بحيث يعسر إحصاؤها بل يستحيل. ولكن من أمد غير يسير انقلبت الحال وعكست القضية فصارت مواهب العرب مصروفة إلى مماشاة رأي الحاكمين ومراعاة رغباتهم وترويج مطالبهم، فكأنهم خلقوا متاعا لغيرهم.

كاد يقضى على الأدب العربي بزوال حماته والقائمين به فانحط إلى الدرك الأسفل وأوشك أن يمحي أثره لولا البقية الباقية من كتب الأدب، ولولا المدارس الدينية والشعائر الإسلامية وتكرر تلاوة القرآن الكريم ورسوخه في

<<  <  ج: ص:  >  >>