للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[غادة بابل]

- ٧ -

أخذ بيروس يترقب أخبار شمشو ويتوقع نعيه اليوم بعد اليوم فاقبل أحد الفلاحين القادمين من ضواحي مدينة اوبي ومعه غلات أتى بها إلى الهيكل وهو يقص على جماعة من أصحابه في ساحة الهيكل نبأ موت أحد المسافرين من بابل إلى أشور فجأة في الطريق. فطرق هذا الحديث سمع الكاهن الكلداني فتقدم من المحدث مستوضحا منه الخبر اليقين، سائلا عنه اسم المتوفى. فلم يتمكن الفلاح من معرفة اسم الميت إلا أنه قال له: وقع ألي أن الرجل مات مسموما.

وبعد هنيهة سمع بيروس رجلا آخر قادما من تلك الديار أيضاً يروي الخبر بعينه ويقول أن المتوفى يسمى شمشو أو أنه من رجال القافلة التي فيها تاجر يسمى شمشو فاستبشر كاهننا بهذا النبأ وقال في نفسه: لقد أصاب سهم دسيستي شمشو في صميمه فأرداه.

تناقلت الألسنة نعي ذلك الشاب فانتشر في المدينة ولا سيما أن بيروس كان يسعى في أذاعته ويظهر للملأ تأسفه كذبا: فبلغ حديث هذه الفاجعة بيت شلمان كرادو وبيت اجيبي وكان لهذا النعي رنة حزن وأسى رددت صداه مدينة بابل. وكان وقعه عظيما، في قلبين غضين، كان كل منهما ينتظر اويتوق أن يكون الفقيد شريك حياته في المستقبل وهما شميرام وقلب حترآء.

مهما كان الحزن الذي خامر قلب شميرام عظيما لفقدانها ابن عمتها إلا أنها كانت تسترشد بنور عقلها ولا تستسلم للحزن والكدر بل كانت صابرة على هذه البلوى تتسلى بقراءة الحكم وبمطالعة رقم العلم والأدب.

أما حترآء فأنها لم تتمكن من ضبط عواطفها بل أخذها حزن نغضت له جوانحها، ووجد تفطرت له مرارتها وباتت تعالج برحاء الهموم سرا وتغص

<<  <  ج: ص:  >  >>