للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الشاي]

-

لئن كان غيري بالمدامة مولعا ... فقد ولعت نفسي بشاي معطر

إذا صب في كأس الزجاج حسبته ... مذاب عقيق صب في كأس جوهر

به أحتسي شهدا وراحا وسكرا ... وأنشق منه عبق مسك وعنبر

يغيب شعور المرء في أكؤس الطلا ... ويصحو بكأس الشاي عقل المفكر

يجد سرور المرء من دون نشوة ... فأحبب به من منعش غير مسكر

خلا من صداع أو نزيف كأنه ... سلافة أهل الخلد أو ماء كوثر

فمنه أصطباخي وأغتباقي ولذتي ... ومنه شفائي من عناء مكدر

كأني إذا ما أسفر الصبح ميت ... وان أرتشف كأسا من الشاي أحشر

فلله أرض الصين إذ أنبت لنا ... ألذ نبات بالمسرة مثمر

لو أن هاني فاز منه بجرعة ... لراح بأقداح ابنة الكرم يزدري

ولو ذاقه الأعشى وحكم في الطلا ... وفيه لقال الفضل للمتأخر

فللفم أحلى مشرب من مذاقه ... وللعين من مرآة أجمل منظر

عجبت له يكون اللسان حرارة ... ويطفئ نيران الجوى المتسعر

لقد نال من طبع الحياة حرارة ... فان يسر في ميت من الناس ينشر

إذا فار ما بين (السماور) ماؤه ... سمعت له أنغام نأي ومزهر

فاشرب مرتاحا على نغماته ... كؤوسا وما نقلي له غير سكر

كأن به ينوح وقد ذكى ... لهيب الهوى منه بقلب مسعر

فيسكب أن تخمد به نار حيه ... وان تذك فيه لوعة الشوق يزفر

وإن بلغت الهوى فيه حدها ... بكى لوعة في دمعه المتحدر

كأن به (بركان ويزوف) ثاقب ... فان ثار يقذف بالشرار ويمطر

كأن به نار الغرام تمثلت ... لدى العين يخشى قربها كل مبصر

تمد بأفلاذ الزنوج إذا جنت ... فتحكى جحيم الزنج في يوم محشر

<<  <  ج: ص:  >  >>