للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (لين) في معجمه مد القاموس فقد أصابا في نقلهما بخلاف حبيب انطون سلموني فإنه أخطأ في ما نقله في قاموسه العربي الإنكليزي.

وبعد هذا ليتأمل من يريد أن يضع في اللغة ديوانا تجمع فيه صحة الألفاظ إلى حسن أداء المعنى.

[أصل كلمة التصوف]

قال ابن خلدون في مقدمته (ص ٤٦٧ من طبعة بيروت المضبوطة بالشكل الكامل): اختص المقبلون على العبادة باسم (الصوفية) و (المتصوفة). وقال القشيري، رحمه الله، ولا يشهد لهذا الاسم اشتقاق من جهة العربية، ولا قياس والظاهر إنه لقب. ومن قال اشتقاقه من (الصفا) أو من (الصفة) فبعيد من جهة القياس اللغوي. قال وكذلك من (الصوف) لأنهم لم يختصوا بلبسه) أهـ.

قلنا: وقد أصاب القشيري في ما قال، كما أصاب كبد الحقيقة كل من ذهب إلى هذا الرأي. الذي عليه اليوم أغلب اللغويين وأكابرهم - على أننا إذا عرفنا حقيقة التصوف وجوهره عرفنا أصل الكلمة أيضاً. قال ابن عربي وهو أكبر المتصوفة: (التصوف: الوقوف مع الآداب الشرعية ظاهرا وباطنا وهي الخلق الإلهية: وقد يقال بازاء إتيان المكارم للأخلاق وتجنب سفسافها لتجلي الصفات الآلهية، وعندنا: الاتصاف بأخلاق العبودية، وهو الصحيح فإنه أتم. أهـ.

فالتصوف بهذا المبنى والمعنى من اليونانية

وأول من بحث عنه واشتهر به هو أحد متصوفي السوريين اليونانيين واسمه (ملك الصوري) الذي ولد في (بتانة) من أعمال صور، وكانت مستعمرة صورية وقريبة منها: ثم نقل اسمه بعد ذلك ترجمة، فعرف (بفرفوريوس الصوري) صاحب كتاب إيساغوجي، وقد ذكر التصوف في كتابه (في التنحس) أي في الامتناع عن أكل اللحم. في الصفحة ٣٢٧ من طبعة أ. نوك الثانية.

وكانت ولادته في سنة ٢٣٣ للميلاد ووفاته في سنة ٣٠٤ وقيل في ٣٠٥ في روما، إذن عاش فرفوريوس قبل الإسلام بنحو ثلاثة قرون، وكان وثنيا من أشد الناس عداوة للنصرانية، وعنه نقل النصارى كلمة التصوف، ومنهم انتقلت إلى المسلمين. ومن العجب أن كلمة التصوف لم ترد في القاموس بل في التاج فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>