إن هؤلاء قبل مجيء عدي إليهم، كانوا يتعصبون ليزيد. ولكن دخول الشيخ يزيد بين ظهرانيهم، خفف نوعاً من غلوائهم، فدعاهم للإصلاح، فمالوا إليه كل الميل وأطاعوه طاعة عمياء، ليس وراءها طاعة، فصار لا يرد له قول.
٢ - عدي لا يأكل ولا يشرب:
وهذه المتابعة أدت إلى أن اعتقدوا فيه اعتقاد المغالين، وهو في قيد الحياة، فقالوا عنه أنه لا يأكل ولا يشرب. ولما سمع بذلك برز إليهم وصار يأكل ويشرب بمشاهدة منهم، وأبدى أنه بشر يحتاج إلى ما يحتاجون إليه، بلا فرق من تعاطي ضروريات الحياة، وأنه لا غنى له عنها. (راجع: ص ٨٩ من القلائد نقلا عن الذهبي.)
٣ - الغلو بعد وفاة عدي:
وأهم ما جرى من الغلو بعد وفاته، ما أشار إليه (ابن تيمية) في وصبته الكبرى. وكذا ما أورده صاحب البهجة وهو معاصر لأبن تيمية. فقد نقل عن الشيخ عدي خوارق لا تزال آثارها مرعية إلى اليوم. وأيدها صاحب القلائد بالمنقول عن مؤرخين عديدين مثل الذهبي، وابن كثير، والعليمي.
وإني ذاكر ما يوضح الموجود اليوم ضارباً صفحاً عما أندثر، أو لم يعثر عليه في عقائدهم الموجودة.
وهنا أكرر القول أن المتعلمين إذا نقلوا في كتبهم أمثال هذه، فمن الأولى أن لا يستغرب نقل اليزيدين عن كبارهم وأن يحمل ذلك على جهلهم. فإذا انتبهوا وزال الجهل عادوا إلى صفوة العقيدة، ونفذوا إلى روحها. والرجوع إلى الأصل، كما حصل شذوذ في المبدأ، شأن