للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - الخطة أي الدارة:

هذه من أقدم العوائد المنقولة. يقال أن عدياً كان لا يخرج من زاويته إلا وبيده عكازته. وهي من الخشب اليسر. فخيط بها (دارة). وهي المعروفة اليوم (بالخطة) يراقب فيها. وكان يجلس من أراد فيها من أكابر أصحابه ليسمع كلام الشيخ عبد القادر الجيلي في بغداد.

وأما الشيخ عبد القادر فكان يقول حينئذ لأهل مجلسه: عين الشيخ عدي ترمقكم فدخل يوما الدارة، فحنى عنقه حتى كاد رأسه ينال الأرض، وأخذه وجد عظيم، وتكلم بكلام حسن لطيف، بين فيه حال الأولياء فسئل عن ذلك فقال: قد قال الشيخ عبد القادر ببغداد في هذا اليوم: (قدمي هذه على رقبة كل ولي) في الوقت الذي أرخناه. (ر: القلائد والبهجة)

ومهما كانت درجة صحة هذا النقل فأن تاريخه يصل إلى عام ٦١٨هـ أي بعد وفاة عدي بمدة ومنه يعلم درجة ارتباطهم (بالخطة) بحيث أننا نشاهدهم الآن لا يجوزون خرقها، أو انتهاك حرمتها، بحيث لا يحلف أحدهم بها كذباً، وإذا خطت حوله، لا يتمكن من الخروج منها ولا خرقها بيده، ولو أدت إلى هلاكه (ر: أوليا جلبي ج ٤ ص ٦٩ وغيره)، ومن هذا الأمر عم الشمول وتولد ليزيد خطة كما لعدي. ومن أيمانهم المعروفة ما جرى حين حسم قضية إدارية بين يزيديين فأحيلت إلى مجلس التحكيم فقرر لزوم تحليف أحد المتنازعين بما صورته:

(أخرج من خطة يزيد، وأدخل خطة العجم، أن كنت فعلت كذا وكذا.) ومن شكل اليمين هذه يفهم درجة ارتباط اليزيدي بالخطة، وفي الوقت نفسه يعرف عداؤهم المتمكن للعجم.

ثم أن الغلو في هذه الخطة، بلغ حده إلى درجة أن المخالفين لهم نرى أطفالهم يتخذون من اليزيديين بعض المهزئ للنكاية، أو لاستجلاب نفع طفيف بأن يتربصوا الفرصة لاتخاذ خطة حول أحدهم. وحينئذ لا يرفعونها إلا بعد الالتماس والرجاء الكثير، أو أخذ دريهمات، أو حصول من يمر ويشاهد هذه الحالة فينقذ من أجريت الدارة حوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>