للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب المكاتبة والمذاكرة]

غريبة

من أغرب ما ساقتني إليه المصادفة، أني بينما كنت أطالع في كتاب (ثمار القلوب في المضاف والمنسوب) لأبي منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي المطبوع بمطبعة الظاهر في القاهرة سنة ١٣٢٦هـ. عثرت في الصفحة ١٧٥ على بحث في حسان بن ثابت الشاعر المشهور (رض) إذ قال في حضرة النبي (ع) على سبيل التمدح بقوة لسانه: (والله أني لو وضعته على شعر لحلقه، أو على صخر لفلقه) سوى أن سقم الطبع الذي مني به هذا الكتاب الجليل أخرج الفاء قافا فكانت كلمة (لقلقه) هكذا: (لقلقه) وهي غلطة بديهية لا يعز على الأديب الاهتداء إلى تصحيحها من دون كلفة، وليس مثار التعجب هو هذا، بل هو تعليق المصحح على الكلمة بقوله: (اللقلقة صوت طائر طويل يأكل الحيات وهو صوت في حركة واضطراب ومنه حديث عمر: ما لم يكن نقع ولا لقلقة).

ولعمري أن هذا من أغرب مداحض الأقلام. وسبحان من لا يذهل ولا يسهو.

أما حديث عمر فهو كما جاء في الصفحة ١٨ من الكتاب المذكور من أن خالدا (رض) لما توفي لم تبق امرأة من بني المغيرة إلا وضعت لمتها على قبره أي حلقت رأسها، ولما ارتفعت أصوات النساء عليه أنكرها بعض الناس فقال عمر (رض): دع نساء بني المغيرة يبكين أبا سليمان، ويرقدن من دموعهن سجلا أو سجلين، ما لم يكن نقع أو لقلة.

وفي الجزء الثالث من (النهاية في غريب الحديث) ص ١٧٢ هكذا:

ما عليهن أن يسفكن من دموعهن على أبي سليمان ما لم يكن نقع ولا لقلقة. . . النقع رفع الصوت. . . وقيل أراد بالنقع شق الجيوب وقيل أراد به وضع

<<  <  ج: ص:  >  >>