للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو نحوهما؟).

لكن هذه اللغة البائسة قد صار أمرها إلى بعض الجهلة فاخذوا يهدمون حصونها بالنواسف وهم يجهلون نتيجة عملهم. فهذا هو الجهل المركب. وقانا الله شره!

الغريزي لا الغرزي

يكثر كتبة مصر من النسبة إلى الغريزة بقولهم غرزي بفتح الأول والثاني مدعين أن ذلك هو القياس لما كان من المنسوبات إلى فعيلة. والحال ليس كل قياس يقال: لأن السماع أفضل من القياس. إذ هذا وجد بعد ذاك. والمسموع في النسبة إلى الغريزة غريزي كما

قالوا طبيعي وسليقي وسليمي وعميري وبديهي في النسبة إلى طبيعة وسليقة وسليمة وعميرة وبديهة، وذكر الغريزي صاحب (مد القاموس) نقلا عن الثقاة، والأطباء الأقدمون لم يقولوا إلا (الحرارة الغريزية) وقال أبو القف في كلامه عن خواص العدس: (وأما حرارته الغريزية فقوية وطبيعته فائقة جيدة لا يغلبها سبب ممرض) أهـ. وابن البيطار ذكر الحرارة الغريزية مئات ومئات.

ولهذا تتحدى كل كاتب أن يورد لنا شاهدا واحدا - من الأقدمين أو من المولدين - فيه لفظة الغرزي في معنى الغريزي - نعم قد يجد الباحث الغرزي نسبة إلى الغرز (كسبب) وهو ضرب من الثمام، لكن بمعنى الطبيعي لا تجد ولن تجد. ولهذا وجب أن يقال الغريزي أمنا للبس، وإما حيث لا لبس فالنسبة إلى فعلية هو فعلي بالتحريك. تقول ربعي وحنفي وجذمي في النسبة إلى ربيعة وحنيفة وجذيمة؛ ويشبه فعلية في النسبة فعلية (بضم ففتح) تسقط منها الياء في مواطن وتحتفظ بها في مواطن أخرى. تقول جهني وقتبي (بضم ففتح) في جهينة وقتيبة. لكنك تقول حويزي في النسبة إلى حويزة (راجع كتاب سيبويه طبع مصر ٢: ٧٠ و٧١) ولهذا لا يحسن بالمرء أن يخطئ صاحبه معتمدا على ما يرى في كتب الصرف والنحو ولا يلتفت إلى السماع، وإلا فإن ثبت هذا لديه كان حجة على القاعدة وضرب بها عرض الحائط كما قرره العلماء الأعلام في معاجم اللغة ودواوينهم العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>